إسماعيل آل رجب - نــــــزوح.. قصة قصيرة

اهدتهم عاصفة الثلج جلدا ، حين هبّت ، فاقتلعت خيامهم ، وصارت اوتادها اوتارا تعزف البكاء ، مرّت بساحتهم فتلوّى في بطونهم الم الجوع ، وعلى قمة الخداع يجلس السّادي ، وسارق اللقمة ، ومعاقرالخمر ومدمن العاهرات ، يضحك على عذابهم.
· كانت ذكريات !!
*بحر، شاطئ رملي ، زَبَد ، اسماك ميتة ، علب فارغة ، حطام سّفن غارقة ، اشياء تطفو فوق الماء ، تتراقص لحركة الموج ، في الاسفل عند جرف البحر ، يمد بصره الى الافق البعيد ، زرقة البحر ، تلتقي زرقة السّماء ، التقاء ساحرمثير : أيّة اسرار تختزن ايها السكون ؟ اتخدعني ، فتبدو هادئا طيبا ، تغريني بالعوم ، ثمّ تهيج في لحظة ارتماسي فيك ، ، فتكشف لثامك ، تتلاطم امواجك ، وترفع القناع عن وجهك الآخر ، هل تنتقم منّي ايها البحر ؟.
* مجرّد اشياء..
خرز ، احجار كريمة ، سحر ، تمائم ، سبع عيون ، عظم الهدهد ، عرق السّواحل ، كنت لاأبيع كثيرا ، وربحي قليل لايكاد يسد الرمق .
اجمل لحظاتي حين التقيتها ، في ليلة رأس السّنة ، جمعنا القدر ، في المصعد الكهربائي ، تبادلنا النظرات ، الابتسامات ، كنت اشعر بسخونة جسدها ، وسنا انفاسها الملتهبة ، اشعر بصخب المكان ، وصراخ الزجاج المتصدّع ، الكلام حروف تتجمّع فتبدو احيانا كالموسيقى الصّاخبة، لكنّي اقترب اكثرفاكثر، حتى تنفتح شفتاها مع انفتاح باب المصعد ، تنزل في الطابق العاشر ، ياترى هل يمكن ان يكون قدري السعيد هنا ؟ نظراتي تجول في ممر الفندق ، تتبعها ، حتى تصل باب غرفتها ، وما ان ينغلق الباب ، حتّى ينغلق بوجهي ، المساء. فانزل من الفندق الى الحديقة العامّة ،اسمع نقيق ضفادع ، صرير حشرات ، نعيق غربان ، ضبح بوم، طبطبة مطرثقيل يداهم الارض .
* أقلب الخيال الى صفحة اخرى ، اُبحر في الأحلام قبطانا ، يُدمن السفر ، اسبوعان من شهر العسل امضيناها معا ، لكنّها لم تكن كافية ..
طيفها يلاحقني ، احلام تداهم مخيلتي ، أالتقي بها ؟ إنّي أتشوق للعوم في عالمها ، أُحرّك مشاعرها، بعد يومين من تعارفنا ، مشينا حافيين ، نتحسس خشخشة الرمل تحت اقدامنا ، كانت تبتسم ، كلما ابتسم لها ، وتبدو سعيدة ،قالت لي: الحياة مدرسة كبيرة ، تختبرك ثمّ تعلّمك ، ذات غروب ، هبّت رياح عاصفة ، يخيّل إليّ انها اتت من خيام النازحين ، جلبت معها مرّة اخرى، صراع الاماكن ، وغضب السنين فقلبت الامواج قاربنا الصغير ، وقذفتنا في لجّة البحر ، حاولت انقاذها لكنّها تفلتت من يدي ، وغابت طويلا .

اسماعيل آل رجب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى