عباس ريسان - نيكروفيليا.. جثةٌ تطوفُ فوق الفلوجة

الشوارعُ مصيدةٌ،
فمٌ مثل مقبرةٍ، لا تشبع
قذفتني اللحظةُ في رحمِ الليلِ، فشاخت كلّ خطواتيَ
ـــ تلك المدينةُ مسلخٌ كبيرٌ كبيرٌ وماخور ـــ
هناك، على ذلك الرصيفِ، كنتُ أخزّنُ الهواءَ في رئتي،
أصبُّ على كلّ الجهاتِ أسئلتي،
وما من جوابٍ، غير البصاقِ والركلاتِ وتمزيقِ الملابسِ، كنتُ أبكي، أبكي حدَّ الإغماءِ، لكنَّني أشعرُ بكلّ شيء، الحصى التي تأكلُ ظهري، دمُ جبهتي وهو يبعثُ برسائلهِ إلى التراب، أشعرُ بسقوطِ أكفِّهم على خديَ الأيمن، كمطرقةٍ على مسمار، أشعرُ بموتي وهو يتسللُ من بين سيقانهم، كما النملِ، يجيءُ ويذهبُ،
كنتُ مثل كيسٍ أمامَ ملاكمٍ مجنون،
كنتُ مغرياً، مثل سيجارةٍ بفمِ فتاة،
وواضحاً كحريق،
لم تكن الأرضُ أماً لتحميني، والسماءُ ــ بطبيعة الحالِ ــ لم تك لي أبا، الجميع تبرأوا، لا شيء سوى السواد والشتائم،
وقد رأيتُ، رأيتُ كلَّ شيء،
طفلاً يحملُ السكاكين،
امرأةً تبولُ على رأسي، وتتلذذُ،
شيخاً قطَّعَ خصلات لحيتهِ من كثرةِ الوعيد،
ورأيتُ الحبالَ على السطوح،
دماً من السماءِ رأيتهُ يلوح.
لمن كلّ هذي الحبال، لمن هذا الرصاص والّلحى!
ـــ اللعبةُ بدأتْ تكبرُ والجراحات أيضاً، وأنا وحيدٌ مثل مجذوم ـــ
حتى الذين لا شأن لهم بالحربِ، كانوا هناك،
لا أبرّئ أحداً


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى