ماجد سليمان - الصُّندوق.. قصَّة للطفل

تَرَاكَض َالأطفال ُفي المنزلِ وَهُم يُغمغمون. حيث وَضَعت الأم يَدَها على خَدّها قَائِلَةً:

ــــ فَقَدتُ صُندوقَ مُجوهراتي

ثم أَمَرَتهم:

ــــ ابحَثُوا عَنْ صُندوقي، سأُكافئ من يَعْثُرُ عليه

جَاءت البنت الكبيرة ُوَقَالت لأمّها:

ــــ سَمِعتُ أنكِ أضعتِ عُلْبَةَ مُجَوْهَرَاتك.؟!..هل اقترحُ عليكِ اقتراحاً يا أُمّي؟

قَالَت الأمُّ في استعجال :

ــــ ما هو؟

قَالت البنت:

ــــ نَطلبُ من إخوتي الصِّغَار أن يَبْحَثَ كُلّ واحدٍ منهم في غُرفة

ثمّ أضافت:

لَدَيَّ عَددٌ مَعقولٌ من الكِريستال والزينة المطليّة

قالت الأم:

ــــ أَحتَاجُ عَلَى الأقل إلى قِلادِةٍ، وقُرطين من الكِرِسْتال اللامع

قَالت البنت:

ــــ مَوجُودَةٌ يا أُمّي

قالت الأم:

ــــ وَحِينَ يَعْثُرُ إخوَتُكِ عَلى صُندُوقِ مُجوهراتي سَأَصْنَعُ لهم الليلة وَجْبَةَ عَشاءٍ مُمَيّزة

قَفَزَ الأطفال فرَحَاً بهذا، وقالت الأم:

ـــ وبإمكانكم أن تَلْبِسُوا ملابس الاحتفال مع بعض الزِّينَةِ التي تُعلّقُ في سَقْفِ المنزل

وَهَكَذَا أَعْطَتْ البنتُ مَا لَدَيها من الإكسسوار لأُمّها، وَوَضَعَتهُ عِنْدَ رَأسِهَا وَأَخَذَت قَيْلُولَتها. ثُمّ قَامَ الأطفالُ وَبَدَأوا يُرتّبون لِلحَفْلَة قَبْلَ أن يَحِلّ الليل وَكَانوا قَد أَنْهوا ما فَعَلُوا.

خَرَجوا من بابِ المنزلِ إلى الحَدِيقَةِ، وَجَهّزوا طَاولةً يُفاجئونَ بِها الأم. لَم يُريدُوا أَن تَرَاهُم أَو تَسْتَيقظ عَلَى أيّ صَوت.

استيقظت الأم عَصْراً، وَذَهَبت مُباشرةً إلى الحَديقةِ بَعْد أَن غَسَلَت وَجْهَهَا بالماءِ والصَّابُونِ جَيداً.

صَرَخت فَرَحاً:

ــــ يا الله، هَذَا شَيءٌ جَميلٌ مَا أَرْوَعَه، أَنْتُم فِعْلاً أَطفَالٌ بَارِعُون

أصبحت الأمُّ سَعِيدة، لتكونَ أَسْعَدَ نِساءِ المدينة .. قَعَدت على كُرسِيٍّ أَمَامَ الطَّاولةِ، وَوَضَع الأطفالُ عَلَى رَأسِهَا سِلْسَالاً من جَوَاهِرِها وَوَضَعت البنتُ الكبيرةُ في يَدِهَا خَوَاتِمَها.

كانت تِلْكَ جَوَاهِرَها المفقودة فَفَرِحَت فَرَحَاً شَدِيْدَاً، وَلَبِستها بسعادة، وَنَهَضت تَتَجوّل مَعَهُم في الحديقةِ يَتَنزّهون بين العُشْبِ والزُّهُورِ، وَيَـأكُلُونَ مِن المُكسَّراتِ التي وَضَعُوها في جُيوبهم، فَجْأَة قَال أَحدُ الأطفال:

ــــ أُمّي بَقِيَت قِلادة عُنقك!!

نَظَرَت الأمُّ في عُلبةِ الجَوَاهِرِ وَقَالت:

ــــ مَعَكَ حَقّ إِنَّ قِلادتي ليست في العُلبة لا يُمكن أَن تَكُونَ غَيْرَ مَوجُودة؟!

قالت البِنْتُ الكَبيرة:

ــــ عِنْدَنَا مُفاجَأة أُخرى

جَمَعَت إِخْوَتَها وَقَالت لَهُم:

ــــ أُريد قلادة أُمّي المتبقّية

وَحِين جَاءَ المساءُ أَحْضَرُوا القِلادَةَ، واجتَمَعت الأمُّ بِهِم وَابنَتَها الكبيرة في صالةِ الطعامِ، لِتَنَاولِ العَشَاءِ الذي وَعَدتهم به، فَدَخَلَ الأبُ عَليهم فَجْأة، وَهُوَ يَحْمِلُ بينَ يَدَيِهِ صُندُوقَ أَلْعَاب، وَقَال:

ــــ مَا هَذا العَشَاءُ اللذيذ!!

فَفَرِحُوا بِوُصُولهِ، وَقَبّلوهُ، وَقَرّبوهُ مِن السُّفْرَةِ، وَهُم يُصَفّقونَ لَه، وَأَمْضَتِ الأُسرةُ لَيلةً جَمِيلة.


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماجد سليمان، أديب سعودي،
صدر له حتى الآن أكثر من 19 عملاً أدبياً
تنوَّعت بين الشعر والرواية والمسرحية والقصة وأدب الطفل.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى