أحمد الديب - قالت نملة

كان من الغريب أن أنظر – هذه المرة بالذات – إلى زر المسافة الطويل على لوحة أزرار الحاسب قبل أن أهوي عليه بأصابع يمناي، لذا حمدتُ الله أنني استطعتُ إيقاف يدِي قبل الهبوط، حين وقع بصري على تلك النملة الصغيرة السوداء التي كانت تتحسَّس طريقها فوق ذلك الزر.

لا أعرف إذا ما كانت قد شعرَت بأنني رأيتها، لكنها هرولَت فجأة لتتوارى تحت الأزرار.

"لو كنتُ مكانك ما اختبأتُ هنا. فرُبَّما انسحق جسدك الضئيل مع حركة هذا الزر أو ذاك إذا قرَّرتُ كتابة كلمة كنتِ تختفين تحت أحد حروفها. لو كنتُ مكانك لغادرتُ متاهة الحروف الخطيرة هذه على الفور."

قلتُ لها ذلك بصوت مسموع، ثم انتظرتُ حتى وجدتها تعبر في سرعة خاطفة بين حرفي السين والشين، ثم تختفي بُرهة قبل أن تظهر بعيدًا فوق حرف الكاف، ثم تعاود الاختفاء بنفس السرعة.

طال انتظاري لخروجها لكنها لم تظهر مرة أخرى. فكرتُ في السبب الذي جاء بها إلى هنا. هل ضلت الطريق؟ هل جذبَتها روائح لأشياء لا أراها تسكن العالم المنسي تحت الأزرار؟

لا أعرف عن ذلك العالم غير وجود نملة صغيرة سوداء في خطر هناك، ولا أعرف طريقة لمساعدتها إلا أن أترك الكتابة الآن وأعود إليها في الصباح.

* * *

في الفجر تبسَّمتُ ضاحكًا وأنا أرى حبة السكر الصغيرة فوق حرف الراء، وتعجَّبتُ – وهي تذوب سريعًا فوق لساني – كيف تحوي حبة سكر واحدة كل هذه الحلاوة.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى