د. قائد غيلان - حمود.. قصة قصيرة

ليس للكلاب في هذه البلاد أسماء، غير أن هذه الكلبة التي تسهر مع الحراس أُطلِق عليها اسم ” حمود” ربما من باب السخرية والمرح. حمود كلبة مهذّبة، مؤدّبة، مطيعة للأوامر، ملتزمة بالتعليمات، ولأنها كانت تعوي كثيرا بصوت رحيم وشجي، فقد كان يسميها أحدهم ” حمود الأطرش” ثم ما لبث أن أصبح ذلك اسما رسميا لها.
قضت “حمود الأطرش” مع العسكر أياما وليالي حسنة السيرة والسلوك والسمعة، وهاهي الآن حامل، وهذا خبر ليس سارا بالنسبة للعسكر الذين يحيطونها بكل عناية واهتمام وحرص ألا تخالط أيا من كلاب الحي. راجع قائد الحرس كاميرات المراقبة علّه يعرف أبا للأجنّة التي في أحشائها، فلم يجد خيطا واحدا يدله إلى الحقيقة، كانت هذه الحادثة دليلا كافيا على فشل كل إجراءاته الأمنية المشدّدة وكل مراقبته الأخلاقية والدينية لكل ما يدور داخل المؤسسة، وكانت الكلبة جزءا من خطته الأمنية والأخلاقية، فقد كانت ترافقه في جولاته التفتيشية، تتشمم كل امراة، علّها تكشف بين ثيابها بقايا عطر رجلٍ ما مرّ في ذاكرتها أو لمسها ذات لقاء حميم.
أجريت لحمود عملية إجهاض، وتم ربطها بسلسلة حديدية إلى سارية العلم، وصُوِّبت إحدى كاميرات المراقبة على ذلك المكان بصورة مباشرة ومستمرة، بعد شهور قليلة اتضح أن حمود حامل للمرّة الثانية، ومرّة أخرى تقيّد القضية ضد مجهول بعد اكتشاف تعطيل الكاميرا المكلّفة بمراقبة المكان.
‏قرر الحراس التخلص من حمود بإعدامها، لولا أن رسالة شدية اللهجة وصلت من نساء الحي عن طريق العاملة في الفلّة المقابلة، تحلمّهم مسؤويلة حياة حمود، وتأمرهم أن يسهّلوا مهمة الكلب السلوقي الذي كان يتسلل إليها يوميا وقت صلاة الظهر أثناء انشغال قائد الحرس بالغداء وشراء القات، وإلا سوف ينشرن كل الطلعات الليلية التي كانت تمارس ضد الكلبة، وأن كل ذلك موثق بالفيديو في هواتفهن، وأبدين شفقتهن على الكلبة التي كانت تتحمل يوميا بمعدل طلعة عند كل ركعة، وذلك يتطب جهدا كبيرا لا تقوى عليه أقوى نساء الحي فما بالك بكلبة ضعيفة.
‏في اليوم التالي حلم قائد الحرس أن هذه الكلبة من نسل كلب أهل الكهف، ويجب أن تحظى برعاية خاصة وأكل مميز وشهادة تقدير باعتبارها المساعد الأساسي لحراس الأمن والفضيلة في أداء مهامهم في الحفاظ على الدين والعِرض والشرف الذي تقع مهمتُه على عاتقهم وعاتق الكلبة..

أ. د. قائد غيلان عضو الهيئة الاستشارية اليمن







تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى