إدريس على بابكر - فزع الكورونا.. قصة قصيرة

شاب اربعيني في الشارع العام مستلقي على ظهره في حالة إغماء مظهره يدل على الشفقة و العطف كل العيون تراقبه من بعيد بتؤجس و قلق مرتبك الخوف من فيروس الكورونا و ما ادركما الكورونا كبل كل الشهامة لطلب النجدة
جاء إليهم الأطرش مهرولآ حافي القدمين يضرب كفيه على خديه و يقفز عاليآ بأطراف امشاطه من الذعر يخرج أصوات غير قابلة للترجمة عرفوا من جوهر الموضوع إن هنالك أمر خطير على غير العادة.
ذهبت مجموعة مفزوعة معه و الأطرش يتحدث بلغة مرعبة و مخيفة بالوصف و الإشارة وجدوا جمهور غفير في المكان على بعد عشرين متر من المصاب أصبحت الإشاعات تنمو سريعآ حتى صارت غابات متنوعة.
الجميع يتحدث عن الكورونا و ما ادركما رعب الكورونا الذي أجتاح العالم.
وقف المعلم محجوب مستنيرآ مع بعض الحضور يتحدث بالشرح الوافي عن فيروس كورونا سريع العدوى إذا شعرت بالكحة و حمي عالية و صداع شديد و الألم في الحلق و فتور حاد في الجسم و ضيق في التنفس هذا يعني أنك أصبت بالفيروس لا محال و منظر هذا الشاب المغمي عليه هو آخر مراحل المرض قبل الموت محذرآ الجميع بتوخي الحيطة والحذر و العمل بالارشادات الصحية من تاريخ اليوم بالتباعد الاجتماعي.
تحدثت رابحة لبعض جارتها إنها تشك في وفاة الحاجة فهيمة بالكورونا لأنها لم تفارقها الكحة و السعال طيلة أيامها الأخيرة هذا يعني إن كل أهلها و الجيران أصيبوا بالعدوى أثناء العزاء بالمخالطة.
الطفلة انشراح التقطت الكلام من قلب الحدث و رجعت إلى البيت و أخبرت أمها عن حديث رابحة كيف اتهمت موت جدتها بالكورونا أم ياسر لبست ثوبها مهرولة دفعها الغضب الأعمى جاءت و هجمت على رابحة بلا مقدمات بشراسة و خربشتها على وجهها ثم طرحتها ارضآ حتى انكشفت شيء من عورتها.
رابحة لم تستوعب المباغتة هي لطيفة و مسالمة ردت عليها باندهاش في شنو؟
أم ياسر قائلة : أمي ماتت بكورونا يا عواليقة الكورونا التقطع روحيك يا سجمانة.
تدخل الاجاويد و بسرعة فضوا الاشتباك الجانبي حتى أنهم نسوا أمر ذلك الشاب المغمي عليه المعلم محجوب و الشيخ أبكر و الحاجة عائشة و بعض كبار القوم ازاحوا غشاء الظن و سوء التفاهم و تصالحا في الحال.
مجتمع عفوى تولد المشكلة من العدم و تكبر بوصف خيالي بعدها يتسامحوا بقلوبهم النقية و ترجع الألفة إلى نقطة البداية.
رجع الجميع إلى التسامح و التصافح و العفو و ذابت كل الخلافات العابرة و الطاحنة لم تحدث في أقرب عيد كل الأفواه تقول حزينآ (الدنيا فيها شنو ما آخرها كوم تراب) كلهم استغفروا ربهم.
الح الجميع إلى الشيخ أبكر أن يذهب إلى المصاب و يقرأ له المعوذتين عسى و لعلي يستجاب الدعاء بفضل بركاته و يرفع عنهم الوباء هز رأسه بشدة و رفض كل الرجاءات قائلاً : ياخي الكعبة المشرفة قفلوها و الخواجات غلبتهم الحيلة تو انحنا بنسوي شنو؟
الساعة أصبحت تشير إلى الوراء و بلغت الروح الحلقوم و كل الأماني الجميلة على وشك الغرق في بحر اليأس و المجاديف رفعت شعار الاستسلام اقتربوا من الهزيمة.
فجأة هبت نسائم الأمل فتحت لهم منافذ النجاة و اخيرآ تنفس الصعداء صبية صغيرة جاءت كالنور شقت عتمة الظلام بقولها انقطعت حبال كل الظنون أخبرت الجميع أن هذا الشخص بشحمه و لحمه أتى ليلة أمس عند خالتها و شرب جردل (مريسة) و رفض دفع الحساب و عمل مشاجرة كبيرة.
فجأة عم السكون و الأمان و انزاح الخوف و الشك من القلوب الراجفة من غير رجعة و زغردت الحاجة عائشة السبعينية أمام الجميع زغرودة طويلة بصوتها الشاحب قائلة: الجاتك في مرستك سامحتك الحمد لله بقت على ألمريسة الله يبعد عنا الكورونا.
كما أراد أحد الشباب أتوا بجردل ماء صاقع رشوا على الشاب الاربعيني المخمور فاستيقظ مفزوعآ يسب الدين على الجميع و يصفهم باولاد العاهرات ذهب إلى طريقه بخطوات متمائلة و يسب ما لا نهاية كل من قابله في الطريق عادات السكينة و الهدوء إلى قاع المدينة و المعمل التجريبي اجتاز اول الاختبار في حالة اشتباه كورونا بنجاح النتيجة النهائية سلبية فرجع الجميع بعفوية و تلقائية إلى الزحام و الدفير و نبضت الحياة اليومية عادية كما كانت صاخبة.

إدريس على بابكر
# سان جوزيف


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى