صلاح عبد العزيز - هنا بالتحديد أظن مقبرة.. شعر

توسدى الزجاج لحظة
كى أتأملك فى المرايا
لحظة أن يقر العالم بين قدميك هى
اللحظة التى تتهيأ وجوهُ العابرين
فى الميدان متعبين من نهاية
سيئة لفيلم أحمد زكى الأخير .
هؤلاء المحامون عن حقوق الإنسان
ـ يلقون الخبز أحيانا للمتخمين أمثالى ـ
ألقوا رواحلهم والتقطوا صورة لفخذيك ..
كتبوا فى الجريدة الرسمية :
" هنا جنة الحرية حيث يرقد إنسان القرن الأخير "
هذا الزجاج الذى بينى وبينك
صنعه الزجاجون من رصاص
يوشك أن ينهى آخر نبض ..
وعند آخر نفس من سيجارة أشعلتها توا
يستطيل بينى وبينك ظل
هو شمس تبزغ من جسدى
فتلقى به بعيداً حيث لا أحد يبكى
وحيث الضمير يقتضى أن نموت ترفيها
لكبار السن
كأشباحٍ من أفريقيا حيث الحروب
والمجاعات ألعابُ أطفال
تبلعُ مساحاتٍ شاسعةٍ من البشر
الذين أثاروا العالم مراراً
كى ينام بحريةٍ تامةٍ
ويحلم بأول ضوءٍ حانياً
كوردةٍ
هو ما نسميه عادة البراءة الكاملة ..
الهواءُ ثقيلٌ ثقل جثةٍ غامضةٍ
كيف تستطيع أن تستنشق جثةً
يكفى أن تتسمم بالأكسجين ..
فالأرضُ عطشى للدم وأطفالى الذين
لم يولدوا نزفوا دماءَهم
وأعتقدُ أننى رأيتُ ما يشبه الدماءَ فى القهوة .
ـ ....................................
لا أذكر ،
منذ مؤتمرين سقط عمرى ..
توقف فى مقهى
وحين هم بالجلوس غادره المقعد ..
انحنيت ،
بيد أنى لم أجمع غير بضعة أيام
تكسرت
وحروفاً ضائعةً من أسماءٍ
غادرت أصحابها منذ سنواتٍ
وأحزاناً كثيرةً
لأشخاص معلقين ببادجات
كصيحةٍ إجباريةٍ للتعارف
ومبتكرةٍ للكراهية
دون سابق معرفة ..
حميمين وباستطاعتهم فقط الاستنكار ،
وما يأتى لا يهم .

آه ..
أنا شربت دماء أطفالى
ربما منذ 48 ،
ويخيّل لى أن فرساناً تدور فى المجمَّع
باحثين عن أسمائهم
كى يعبروا الشرفة
إلى حيث كل شرفة شخص ،
كل شخص شرفة ..
الشرفات فيما مضى كانت تسير على قدمين ،
فى جريدة الصباح ،
فى المقهى حيث ما يفقده عادة رجل محب ،
كانت أشخاصا يتجولون فينا كنقاط ..
كوجه ترتاح إليه لأول وهلة
لا يغيب مع الشمس
يظل عالقا فى الفراغ
فقط يظل مضيئا وصامتا ..
أنا تحولت إلى شرفة
وبإمكانى أن أطل من عين محبوب قديم
أو إلى حيث ينتمى هؤلاء المحبوبين
آه ..
هؤلاء المحبوبون ..

لسوف أسير إلى حيث تتعرف النوافذ على أحبائها
**
ما بين عينى إلى صدر صاحبى
هوة تغرق فيها الأبجدية .
أسير فى المُجَمَّع أنظر
رحلة الحروف ،
ككل الوزارات ما بعد 75 .

آه ..
لا يهم كنه التواريخ للمارة المنتشين
بهزيمة تافهة فيما مضى تحولت لجثة
ومع هذا
لا نملك مقشات
ليست لكنس الشوارع والتواريخ فحسب ..

أود فى نهاية المقطع
أن أعبر عن مدى انتهاكى
لسرك المقدس
حينما يجرى النيل من بين فخذيك
إلى أعلى هكذا كعلامة النصر
حيث هنا إصبع قدمك
ألعق بها كرضيع
أتأمل موطن اللذة
موقنا أن فقه اللذة ينبع من هذه النقطة بالذات
وأن 5000 عام لا تكفى
كى تسد جوعى مرة أخرى لمرآة وجهك ..
اسمع
وقع خطاها هادئ ومستطيل ،
سيدة تحتفى ببلوغها ،
برواز معلق بالريح
تختار وقتا مليئا كبحيرة
ودافئا كحلم ..
تحكى عن شاطئ بعيد كندبة .
على لسانها تقفز الذكرى ..
تنفذ خلال الباب
تنساب فى الشارع
المقابل بين أرجل المارة
تعلق أورادها على شماعة
تحاكم الفراغ
فى معظم الأحوال تطعم العصافير
تختار جورباً من الحرير
تلوك سورة الغضب
يدها على خنجر
تهيئ اللحظة
تهوى على حده وتستقيم للمرآة
عن ثقة بأنها هدف جيد للرمى
وحيدة فوق العادة
تتلفت للرحيل خلف السحابات
علها تصطاد قمراً من حائط المجمَّع
فلماذا علقوا البادج على صدرى
وأنا لا أريد التعارف ،
لا أريد أن يعرفنى أحد
من الأخوة الذين هاجروا بالأمس
أو الأخوة الذين يحلمون بجنة أمريكا
حيث لا ينتمى عادة العالم الثالث على الدوام
وعلى الأرجح أن الله قد أوجدها هناك ..
هذا ما تقوله الصحف صباح مساء
وأنا تعبت من القراءات عن نظام التسليح
وأعتقد لو كنت جنديا لرميت سلاحى
للمتوسط ضد غزو القرون الوسطى ..
فدعى النيل يأتى عائدا إلى حيث الأعمدة
أصابعنا التى تبتهل إلى الله
أن لا يدمر هذه الوحدة ..
فوق جواد من كتاب الفتوحات
رأيت ما يشبه المصلين
فوق سرج
داكنٍ كانت دموعهم على صدر الجواد
الذى هبط فجأة من السماء فى ليلة القدر
والأرجح أنهم غادروا السرج لكن جذبتهم الأسلاك
فى النقش الذى أتقنه صانع السروج ..
كان صديقى
مات منذ ألف سنة تقريبا
كان يصلى الفروض الخمس
لكنه ضاق فجأة بآلية العبادة
وحين توقف آخر حصان
عن الجرى فى الحديقة
تعب فجأة وفجأة أيضا مات ..
كل هذا فجأة ..
وعلى مرات متقاربة كان يصحو
من موته كى يكمل السرج
ثم مات فجأة موتته الأخيرة ..
ضعى إصبعك قليلا فى مياه البحر
لتكون طلقة فى البندقية الآلية
التى سلمتها منذ عدة أسطر بالتحديد
وها أنا جندى خال من السلاح
على أعتاب قدميك مدجج بالحزن
عادة ما أجئ به
وأختفى مع المصلين بواسطة الأسلاك .

2000 المجمع التعليمى بالاسماعيلية

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى