مجدي حشمت سعيد - حتى إشعار آخر.. قصة قصيرة

أنهى استعداداته للقاء المُرْتَقَب ثم استلقى على فراشه بحواس مشدودة متوترة منتظرًا ومترقبًا بخوف وقلق لا حدود لهما، لا يدري سر هذا الإحساس القوي المسيطر عليه بأن الحسم سيتم الليلة، ترك النافذة مفتوحة وكذا باب الحجرة انتظارًا لها، عيناه مُعَلَّقتان بسقف الحجرة فمن المرجح أن تشقه وتأتي من خلاله لتؤدي مهمتها، أسرع شريط حياته يعدو أمامه على السقف بخيره وشره متوقفًا عند أحداث بعينها؛ انفعل مع أحداثه بشدَّة فبلَّلت الدموع وسادته وأغرق العرق فراشه.

تركز فكره في سؤال وحيد مُحير: كيف ستأتي؟ هداه عقله إلى قلبه العليل فتشبثت كل حواسه بنبضاته المضطربة تستوقفها واحدة فواحدة لتسألها إن كانت تحملها معها الآن؟ ما بال دقاته الماكرة تتأرجح هذه الليلة بين البطء والسرعة فتزيد من رعبه وقلقه...ألأنه جبان ويخشى اللقاء؟! ربما. تساءل: ماذا في وسعه أن يفعل؟ لا شيء. راح يلهث وراء نبضاته انتظارًا لواحدة بعينها قد تحمل المفاجأة فطال انتظاره.

ملَّ تتبع النبض فحمل كل حواسه المضطربة مرة اخرى وأسقطها على صدره لتتابع أنفاسه المتعثرة متوقعًا أن يحملها أحدهم معه، هذا الشهيق القادم ربما يكون هو المنتظر فراح يأخذه ببطء وعمق شديدين، سار وراءه في مساره الطويل الذي لا يريده أن ينتهي، ها هو قد مَرَّ بسلام حتى ابتلعته حويصلات الرئة الهوائية بأكمله، تتبع زفيره التالي الناتج عنه مبتدئًا من الأعماق سائرًا ببطء عكس الاتجاه في مجراه التنفسي حتى انتهي خارجًا من الأنف، لقد عبر الآخر بسلام أيضًا. توالى تتابع الشهيق والزفير ولم يحدث ما يتوقعه.

ملَّ مراقبة الأنفاس فانتابته دفعة من السعال الشديد ليؤكد له هاجسه بأنها ستجيئ متخفية داخل إحدى نوبات الكُحَّة هذه حتى تحدث المفاجأة الصادمة، تعلَّق بمَرَّات سعاله المُتتالية واحدة فواحدة أيضًا منتظرًا واحدة بعينها تأبى أن تأتي.



مجدي حشمت سعيد

مصر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى