ﻣﻧﺎر ﻓﺗﺢ اﻟﺑﺎب - ﻣﺧﯾﻠﺔ اﻟﻣﺎء ﻓﻲ أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق.. دراسة عن أحمد الشهاوي

ﻣن داﺧل اﻟﺟدﻟﯾﺔ اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻔﻛر اﻟﻔرﻋوﻧﻲ ﯾﺳﺗﻣد اﻟﺷﺎﻋر أﺣﻣد اﻟﺷﮭﺎوي ﺑﻌض ﺗﻔﺎﺻﯾل ﻧﺻﮫ ﻓﻲ (أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق ﻟم اﻟذي ﯾﺟﺳد اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻘدﯾم /اﻟﺣﻠم واﻟﺣﺎﺿر/ اﻷﻓق واﻟﻣوت / اﻟﺣﯾﺎة ﺣﯾث إن ﻛل طرف وﺟﮫ آﺧر ﻟﻠطرف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ ﺗﺟﺎور واﻣﺗداد، أي أن ﻗﯾﻣﺔ اﻟﻣوت ﻟدى اﻟﺷﮭﺎوي طرف ﻏﯾر ﻣﺗﻘﺎﺑل أو ﻣﻌﺎﻛس ﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة واﻧﻣﺎ ﯾﺟﺎورھﺎ ﻓﻲ ﻣﻧظوﻣﺔ ﺛﻼﺛﯾﺔ داﺋرﯾﺔ ﺗﺣﻘق ﻓﻛرة ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺣزن واﻟﻔﻧﺎء ﺑﺎﻟﺑﻌث واﻟﻣﯾﻼد ﻓﻲ ﻟﺣظﺔ ﺟدﯾدة: ﺣﯾﺎة / ﻣوت / ﺣﯾﺎة ﻣن ﺟدﯾد (ﺑﻌث).
ھذه اﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺗﺟرﯾدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻣﺛل اﻟﻣوت ﻓﯾﮭﺎ اﻟﻌدد (2)، وﯾﻣﺛل اﻟﺑﻌث اﻟﻌدد اﻟﺗﺎﻟﻲ (3) ﺗﻧطﺑق ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻷﺳﻠوﺑﻲ ﻟﻠﻌدد (3) -وھو ﻋدد ﺳﺎم ﻣﻘدس -ﻓﻲ (أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق)، إذ ﻛﻠﻣﺎ ﯾﺣﺿر اﻟﻌدد (2) ﻧﺟد دﻻﻟﺔ ﻟﻠﺣوت، وﻛﻠﻣﺎ ﯾﺣﺿر اﻟﻌدد (3) - وﻧﻼﺣظﮫ ﺑﻛﺛرة _ﻧﺟد دﻻﻟﺔ اﻟﺑﻌث، ﻣﻣﺎ ﯾﺷﯾر اﻟﻰ ﺻدق اﻟﺑوح ﻓﻲ ﻧص أﺣﻣد اﻟﺷﮭﺎري واﻧﺷﻐﺎل اﻟﻼوﻋﻲ ﻓﯾﮫ ﺑﻔﻛرة اﻟﻣوت ﺑوﺻﻔﮫ ﻣرﺣﻠﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ، أو ﺟﺳرا ﺑﯾن اﻟﺣﯾﺎة واﻟﺑﻌث ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻣرة أﺧرى ﻓﻲ ﺧﻠود ﯾﺻﻧﻌﺎ اﻟﺣرف اﻟﻌرﺑﻲ. واﻟﻣوت ھﻧﺎ ﻓﻲ ﺗواز أﺳﻠوﺑﻲ ﻣﻊ ﻣﺧﯾﻠﺔ اﻟﻣﺎء اﻟﺗﻲ ﻧواھﺎ ﺗطﻔﻰ ﻋﻠﻰ اﺑداع اﻟﻛﺎﺗب، ﻓﻧﮭر اﻟﻧﯾل وﻣﯾﺎه اﻟﺑﺣﺎر واﻟﻣطر واﻵﺑﺎر واﻟﻧدى واﻟدﻣوع واﻟﻌرق ﻣﻌﺑر آﺧر ﺑﯾن اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت وﺑﯾن اﻟﻣوت واﻟﺣﯾﺎة ﻣن ﺟدﯾد، ﻓﺎﻟﻣﯾﺎه وﺣﻲ اﻟﺗﺟدد واﻟﻧﻘﺎء واﻟطﮭﺎرة واﻟﺷﻔﺎﻓﯾﺔ واﻟﻘداﺳﺔ ﻣﻧذ اﻟﻌﺻور اﻟﻘدﯾﻣﺔ.
(ﻛﺎن ﯾوم اﻻﺛﻧﯾن. ﻛﻧت ﻓﻲ اﻟﺻف اﻷول اﻟﺛﺎﻧوي ﻟم ﺗﻛن اﻟدراﺳﺔ ﻗد ﺑدأت إﻻ ﻗﺑل ﺛﻼﺛﺔ أﯾﺎم.. ﺳﺄﻟﻧﻲ اﻟﻛﺛﯾرون ﻋﻧﮫ، وﻟﻣﺎ دﺧﻠت ﺳﻌﺎد اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺑرﻧﻲ ﺑﻌﺎم وﺛﻼﺛﺔ أﺷﮭر، ﻧظر اﻟﯾﮭﺎ، ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺳﺎء اﺷﺗﻌل اﻟﻣﺎء وﺳﻘطت اﻟﻧﺟوم ﻓﻲ ﺳرﯾري، ﻏرﻗت ﻓﻲ ﺑﺣر اﻟﺑﻛﺎء، ﺣزﻧﻲ طﮭر ﻧﻔﺳﻲ).
أﻣﺎ اﻷﻧﺛﻰ / اﻷم / اﻷرض ﻣﻧﺑﻊ اﻟﻌطﺎء واﻟوﻻدة، ﻓﮭﻲ ﺗﻐﯾب ﻓﻲ اﻟﻧص ﺣﯾﻧﺎ وﺗظﮭر ﺣﯾﻧﺎ آﺧر ﻛﺎﻻﺿﺎءة اﻟﻣﺗﻘطﻌﺔ ﻓﻲ ﻣﺳرح ﻣوﺣد اﻟﻠون، ﻓﮭﻲ ﺷرط اﻟﺗﺣﻘق واﻟوﺟود. دﻓؤھﺎ وﻧورھﺎ ﯾﺷﻌل ﻟﯾل اﻟﻐرﺑﺔ واﻟوﺣﺷﺔ ﻓﻲ اﻷﺳﻔﺎر وﻋﻠﻰ ﻣرﯾر اﻟﻣرض، ﺗﺣط ﻛطﺎﺋر أﺳطوري ﻋﻠﻰ ﺛﻘب اﻟوھن واﻷﻟم ﻓﻲ اﻟروح ﻓﺗﺗﺣرر وﺗﻧطﻠق.
اﻷﻟوان ﻓﻲ (أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق) ﺣﺎدة، ﺗﺗﻧوع ﺑﯾن اﻷﺳود وھو رﻣز اﻟﻠﯾل واﻻﻏﺗراب واﻟﻣوت، واﻷﺑﯾض وھو رﻣز اﻟﺣب واﻟﺣﻠم ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة واﻟﺗﺣﻠﯾق اﻟﻰ اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻷﻓق.. ﺗرﺣل اﻷﻟوان ﺑﯾن اﻟﻧﺟوم واﻟﺳﻣوات وﻋﺎﻟم اﻟﺧﻠود اﻟﻣﺗﺣﻘق ﻻ ﻓﻲ ﺟﺳد ﻣﺣﻧط واﻧﻣﺎ ﻓﻲ ﺣروف ﻣﺟﺳدة ﻟﮭﺎ ﺗﺷﻛﯾﻠﮭﺎ اﻟﺧﺎص وﻛﺄﻧﻣﺎ ھﻲ اﻟﻛﻠﻣﺎت اﻟﺳﺣرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔﺗﺢ ﻣﻐﺎﻟﯾق اﻟﻛون ﻓﻲ اﻟزﻣن اﻟﺳﺣﯾق وزﻣﻧﻧﺎ، أو ﻛﺄﻧﻣﺎ ھﻲ اﻟﺷﻔرة اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺈﻟﮫ اﻟﺷﻣس (رع) اﻟﺗﻲ ﻻ ﺣﯾﺎة إﻻ ﺑﻣﻌرﻓﺗﮭﺎ.
(ﻛﺎن اﻟﻠﯾل ﺑﻛرا ﻓﻲ ذاك اﻟﻌﺎم.. ﻟم ﺗﺷﮭد اﻟدﻧﯾﺎ ﻣﺛﻠﮫ، ﯾﻘﺎل ﻓﻲ اﻷﺳﺎطﯾر إﻧﮫ ﯾﺣل ﻣرة واﺣدة ﻛل ﺧﻣﺳﺔ ﻣﻼﯾﯾن ﺳﻧﺔ. ﺗظﮭر ﻓﯾﮫ أﻧﺛﻰ ﺗﺗﺑدى ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻟﻣﯾن ﺑﻌﻠو ﻣﻘﺎﻣﮭﺎ، وﺗﻧﺎﺛر ﺣﺎﻟﮭﺎ، وﻗﻠق ﺷﻌرھﺎ وﺷﻔﺎﻓﯾﺔ ﺧﺻرھﺎ وﺳﻣوق ﺟﯾدھﺎ، واﻧﺗﺷﺎر أرﯾﺟﮭﺎ ﻓﻲ اﻵﻓﺎق، ﺗدﺧل ﻓﻲ ﻧور ﺣﺑﯾﺑﮭﺎ اﻟﻐرﯾب اﻟﻘﺎدم ﻣن ﺑﻼد اﻟﻔراﻋﯾن، ﯾﺣﻣل ﻣوﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﻛﻔﯾﮫ، ﯾﺗﻘدم ﻟﻠﻘﯾﺎھﺎ، ﻓﺗﺣوطﮫ أﻟوف ﻣن اﻷطﯾﺎر ﻋن ﯾﻣﯾﻧﮫ، وأﻟوف ﻣن اﻟﻣﻼﺋﻛﺔ ﻋن ﯾﺳﺎره ﻓﻲ ﺧطواﺗﮫ ﺗدﺧل اﻟﺳﻣوات ﻓﻲ اﻷرض، ﯾﻠﺗﻘﯾﺎن ﻓﻲ اﻟﻣرة اﻷول، وﯾﺗﺣد اﻟﻧوران، ﯾﺑﻘﻰ ﻧور واﺣد ﯾﺷﻊ ﯾﻣﻸ اﻷﻛوان، وﯾدﺧل اﻟﻣﺣب دﯾﺎر روح ﻣﺣﺑوﺑﺗﮫ، وﯾﻣﺷﻲ / وأﻧﺎ أﻣﺷﻲ ﻛﻧت ﻏﺑﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﺿور).
وﻷن اﻟﻣوت ھو اﻟطرف اﻟﻧﻘﯾض ﻟﻣﻧظوﻣﺔ اﻟﺣﯾﺎة / اﻟﺑﻌث ﻓﺈن ﺟﻣﻠﺔ ھذا اﻟﻧص زي اﻟروح اﻟﺻوﻓﯾﺔ ﺗﻧﺣو ﻧﺣو اﻟﺗوﺣد وﺑروز اﻟﻘﯾم ﻋن طرﯾق اﻟﺗﻧﺎﻗض، وﻋﻠﻰ اﻟرﻏم ﻣن اﺻطدام ﻟﻔﺔ اﻟﺷﻌر اﻟﻣﺣﻣﻠﺔ ﺑﺎﻻﺳﺗﻌﺎرة واﻟﻣﻔﺎرﻗﺔ ﺑﻠﻔﺔ اﻟﻧﺛر اﻟﺳر دﯾﺔ اﻷﻓﻘﯾﺔ، ﻓﺈن اﻟﺷﮭﺎوي ﻗد اﺳﺗطﺎع أن ﯾواﺋم ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻻﻧﺗﺎج ﻧص ﺟدﯾد رواﻧﻲ ﺷﻌري ﯾﺳﺗرﯾﺢ ﻓﯾﮫ ﺗﺣت ﺳﻣﺎء ﺑﺎﻛﯾﺔ، ﻧص ﺗﺧﻠﻘﮫ اﻟذاﻛرة واﻷﻟم، وﯾﻔﻧﯾﮫ اﻟﻣوروث اﻟﺣﺿﺎري واﻷﺳطوري ﻓﻲ اﻟﻣراوﺣﺔ ﺑﯾن طرف أول ھو اﻟﻧﻔس اﻟﻣﻧﺷﻘﺔ ﺑﯾن اﻟذاﺗﯾﺔ واﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋن اﻟواﻗﻊ ﻻﺳﺗﻛﺷﺎف اﻟذات وﺗﮭﯾﺋﺗﮭﺎ ﻟﻸﻟم وطرف ﺛﺎن ھو اﻟﺗوﺣد ﻣﮫ اﻟواﻗﻊ واﻻﻟﺗﺣﺎم ﺑﺳﻛوﻧﮫ وﺻﺧﺑﮫ.
ﺗﻧﻔﺟر اﻟﻧواة اﻷوﻟﻰ ﻟﺧﻠﯾﺔ اﻟزﻣن ﻣﻧذ ﻗرون وﯾﻧﺑﺛق اﻟﻣﻛﺎن اﻷول ﻟﻸرض اﻟﺧﺎﻟﯾﺔ ﻣن اﻟﺑﺷر اﻟﻣﻠﺗﺣﻣﺔ ﻓﻘط ﺑﺎﻟﺳﻣوات. ﻓﺗﺳﺗﻘر ﻧطﻔﺗﺎ اﻟزﻣﺎن واﻟﻣﻛﺎن ﻣﻌﺎ ﻛﻘطرات ﻧدى ﻓوق اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﻧﺿرة ﻓﻲ ﺷﺟرة ذﻟك النص اﻟﺟدﯾد زي اﻟﺟذﻋﯾن: اﻟرواﺋﻲ اﻟذي ﯾﺄﺧذ ﻣن اﻟﺳﯾرة اﻟذاﺗﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻌﻣﻘﮫ، واﻟﺷﻌري اﻟذي ﯾﺿﯾف ﺑرﯾﻘﺎ ﻟﻠرواﯾﺔ وﺳﺣرا ﻟﮫ ﺗﺄﺛﯾر ﻧﺷﯾد اﻻﻧﺷﺎد اﻟﻌﺻري.
(ﻛﻧت ﻧﺳﯾﺎ ﻣﻧﺳﯾﺎ ﻓﺄدﺧﻠﺗك "ﻧوال" ﻓﻲ ﺑﻼدھﺎ، وﻣﺳﺣت ﺑﻛﻔﮭﺎ اﻻﻟﮭﻲ اﻷﯾﻣن ﻋﻠﻰ ﺟﺳدك. ﻗﺑﻠت ﻋﯾﻧﯾك. ﻓﺻوت ﻟﻲ، وﻛﻧت أﻧﺎ ﻟك ﻗﺑل ﺳﻧوات أرﺑﮫ، أو ﻗوﻟﻲ دھرا، أو ﻗﺑل أن ﯾﺑﻧﻲ اﻣﺗﮫ ﺑﯾﺗﮫ اﻷول، ﯾﺧﻠق ﺷﻣﺳﮫ اﻷوﻟﻰ).
وﺑواﺳطﺔ اﻟﻣﺧﯾﻠﺔ اﻷﺳطورﯾﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﯾن اﻟﺷﻌور واﻟﻼﺷﻌور ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘف ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻼﻣﺢ اﻟﺻوﻓﯾﺔ واﻷﺳطورﯾﺔ ﻓﻲ ﻧص (أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق) اﻟﻣﺗﻣﯾز ﺑﻛوﻧﯾﺗﮫ. إﻧﮫ ﻓﻲ ﺟدل ﻣﺳﺗﻣر ﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺔ اﻟواﻗﻊ / اﻻﺳطورة واﻟﻠﻘﺎء / اﻟﻔراق أو اﻟﺟﻣﻊ / اﻟﺷﺗﺎت، ذﻟك اﻟﺟدل اﻟذي ﯾﺣﻘق اﻟﺗﺷﺑث ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﺣﯾﻧﻣﺎ ﯾﺗﻛون اﻟوﻋﻲ ﺑﮭﺎ ﻋن طرﯾق اﻟﺗوﺗر اﻟﻛﺎﻣن ﻣﻧذ اﻟطﻔوﻟﺔ ﻧﺗﯾﺟﺔ ﺗزاﺣم اﻷﺷﯾﺎء وﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻔﺳﯾرھﺎ، اﻟﻣﻔﮭوم ﻣﻧﮭﺎ واﻟﻐﺎﻣض أﯾﺿﺎ، ذﻟك أن اﻟرﻣز واﻷﺳطورة ﯾﺣﻣﻼن اﻟﻰ اﻟوﻋﻲ ﻣﺧﺎوف طﻔوﻟﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣد ﻗول اﻟﺑﺎﺣث روﻟﻠوﻣﺎي ﻓﻲ (ﺷﺟﺎﻋﺔ اﻻﺑداع).
ﻧرى ﻓﻲ (أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق) اﻟﺗﻘﺎء اﻟﺛﻧﺎﺋﯾﺎت: ﻧﮭرﯾن، ﺷﻔﺗﯾن، ﺟﺳدﯾن، اﻟﻔرﻋون اﻟﺣﺎﻛم واﻟﻔرد اﻟﺣﺎﻟم اﻟﻣﻧﻛﺳر، اﻧﺷطﺎر اﻟﻧﻔس، اﻧﺷطﺎر اﻟﺑﺣر - وھﻲ ﻣﻌﺟزة دﯾﻧﯾﺔ ﻗدﯾﻣﺔ - اﻟﻰ ﻧﺻﻔﯾن: ﻋذب وﻣﺎﻟﺢ، ﻟﻘﺎء اﻟﻣوت / اﻟﺻﻣت ﺑﺎﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ اﻟذاﻛرة، ﻟﻘﺎء اﻷم اﻟﻐﺎﺋﺑﺔ / اﻟﺣﺎﺿرة ﺑﺣﻠم اﻻﺑن / اﻟطﻔل / اﻟﺷﺎب اﻟذي ﯾﻔﺗﻘدھﺎ ﻓﻲ ﺳﺣﺎوﻟﺗﮫ ﻟﺗﺣوﯾل اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻟﻰ ﻣﻌﻧﻰ وﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺑﺣﺛﺎ ﻋن ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺛﺎﺑﺗﺔ ﺗﺟﻠب ﻟﮫ اﻟﺷﻌور ﺑﺎﻻطﻣﺋﻧﺎن واﻟدف ء اﻟذي ﯾﻧدرج ﺿﻣن اﻟﺣﻘل اﻟد ﻻﻟﯾن ﻟﻠﻧور.
(أﻋرف أﻧك ﻧزﻟت ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻠﺔ واﺣدة ﻓﺎض ﺑﺣر أﺳﻣﺎﺋﮭﺎ وأﻏرق اﻷرض، وزادت ﻣﻌرﻓﺗﮭﺎ ﻓﺄدرﻛت طﺎﺋري وﺳﺄﻟﺗﮫ / ﻓﺿﺿت اﻟورﻗﺔ وأذﺑﺗﮭﺎ ﺑﻣﺎء اﻟﻛﻠﻣﺔ وﻛﺎن ﺻﻣﺗك ﺳﯾدا ﻟﺣزﻧﻲ).
إن ﻛﻠﻣﺔ (أن ﺗﻌرف) اﻻﻏرﯾﻘﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ أﯾﺿﺎ أن ﺗﺗزوج ﺑﺎﻣرأة، ﻓﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻓﻲ اﻷﺻل ﻣرﺗﺑطﺔ ﺑﺎﻟﺗزاوج واﻟﺗوﺣد واﻻﻧدﻣﺎج، وﻷن اﻟﻣﺎء ھو أﺻل اﻟﺣﯾﺎة واﻟروح اﻟذي روى اﻟﺗرﺑﺔ ﻟﺗﺛﻣر، ﻓﺈن اﻟﻌﺷق / اﻟﺗوﺣد
ھو وﺳﯾﻠﺔ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣﺗﺣﻘﻘﺔ ﻓﻲ ﻟﻐﺔ ﺗﻛرس ﻟﻣﺧﯾﻠﺔ اﻟﻣﺎء ﺣﯾث ﻻ ﺻوت إﻻ ﻟﮫ، وﻻ ﻟون إﻻ ﻟﻣﺎ ﯾﻌﻛﺳﮫ ﻣن أﻟوان ﺣﯾث ﻧﻘﺎء اﻟﻛون وﻋذر ﯾﺗﮫ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻔﺿﮭﺎ إﻻ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ.
ھذا اﻟﻛون اﻟﻣرﻛب اﻟﻣﺗراﻛم اﻟذرات اﻟذي ﯾﻌﻘد ﺑدوره اﻟﻌﺑﺎرة اﻟﺷﻌرﯾﺔ ﻟﺗﺳﺗﻣد وﻗودھﺎ اﻟﺗراﻛﻣﻲ اﻟﺗوﻟﯾدي ﻣن ﺣداﺛﺔ اﻟﻠﻔﺔ ﻓﺗطرح أﻣﺎم ﻗﺎريء ﯾﺷﺎرك اﻟﻧص إﺣﺳﺎﺳﮫ ﺑﺎﻟﻛوﻧﯾﺔ واﻟﺷﻣول ﻣؤدﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ ﺑﺑﻼﻏﺔ اﻟﻣﺳﻛوت ﻋﻧﮫ.(رأﯾﺗك ﻛﺻﻔﺻﺎﻓﺔ زرﻋﺗﮭﺎ ﻗﺑل ﻗرون ﻣﺿت ﻋﻠﻰ رأس أرﺿﻧﺎ اﻟﺗﻲ ﺗرﻋﻰ اﻟﻣﯾﺎه اﻟﺟﺎرﯾﺔ ﻣن ﻋﯾن اﻣرأة ﺗﻘف ﻓﻲ ﻣﻧﺗﺻف اﻟﻧﯾل ﺗﺑﻛﻲ، وﻛﻠﻣﺎ ﺳﻘطت ﺳﻣﺎء دﻣﻌﺔ طﻠﻌت ﺻﻔﺻﺎﻓﺔ وأﻧﺛﻰ ﺗﻘرأ اﻟﺷﻌر وﺗدﻓﻲء ﻟﯾﻠﻲ).
إن اﻟﺷﮭﺎوي ﯾﻌﻛس اﻟﺻورة اﻟﻣﺄﻟوﻓﺔ ﻟﻠﺣﯾﺎة ﻟﯾﻛون ﺻورة ﺟدﯾدة ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟرؤﯾﺗﮫ ﻓﺎﻟﻣﺄﻟوف أن اﻟﺳﻣﺎء
ﺗﺣوي اﻟوردة، ﻏﯾر أﻧﮫ ﯾﻘول (وردة ﺣوت اﻟﺳﻣﺎء)، ﻛﻣﺎ ﯾﻘول (ﺳﻘطت ﺳﻣﺎء دﻣﻌﺔ) ﺑدﻻ ﻣن (ﺳﻘطت دﻣﻌﺔ ﺳﻣﺎء) ﻣﺷﯾرا ﺑذﻟك اﻟﻰ ﻓﻌل اﻟﻣطر اﻟﻣﺄﻟوف، وﻛﺄﻧﮫ ﯾﻘﻠب اﻟﻛون، ﻓﺎﻟﺳﻣﺎء أرض واﻷرض ﺳﻣﺎء
(ﺗرى ھل ھﻲ رؤﯾﺔ اﻟراﻗد ﻋﻠﻰ ﺳرﯾره ﻗﻠﻘﺎ؟)، ﻣﻣﺎ ﯾﺻﻧﻊ "ﻋدوﻻ ﺷﻌرﯾﺎ" ﺧﻼﻗﺎ ﯾرﻗﻰ ﺑﺎﻟﻧص وﺑﻔﺿﺎءاﺗﮫ، ﻣﺑرھﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﺟدﻟﯾﺔ اﻟﺣﯾﺎة واﻟﻣوت اﻷﺑدﯾﺔ.
وﻛﺛرة اﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌدول اﻟﺷﻌري ﺗدل ﻋﻠﻰ ﺗﻔﻠﻔل ﺳﻣﺔ اﻟﺗﺑﺎدل اﻟﻣزدوج اﻟﻣﻣﯾز ﻟﻠﻣوروث اﻟﻔﻛري اﻟﻔرﻋوﻧﻲ ﻓﻲ ﺑﻧﯾﺔ ﻟﻔﺔ اﻟﺷﺎﻋر اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل اﻟﺻورة، ﻛﻣﺎ أن وﺳﯾﻠﺗﮫ ﻓﻲ اﺳﺗﻛﺷﺎف اﻷﺷﯾﺎء ﺗﻌﺗﻣد أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻗﺗران اﻟﻣﺟرد (اﻟﺳﻣﺎء - اﻟﺿوء ﻻ ﺑﺎﻟﻣﺣﺳوس (اﻟوردة - اﻟدﻣﻌﺔ - اﻟﻣﺎء)، ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺣﺎم ﺛﻧﺎﺋﯾﺔ أﺧرى ﻟﻠوردة ﻣﻊ اﻟﻣﺎء ﻗﮭرا ﻟﻠﻣوت، وھو ﻓﻌل ﻣﺷﺎﺑﮫ ﻟﻔرق أوﻓﯾﻠﯾﺎ -ﺑطﻠﺔ ھﺎﻣﻠت - ﻓﻲ اﻟﻧﮭر ﺣﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻗﺔ زھر، وھو اﻟﻔﻌل اﻟذي ﻻﺣظﮫ ﺑﺎﺷﻼر ﻓﻲ دراﺳﺗﮫ ﻟﻣﺧﯾﻠﺔ اﻟﻣﺎء وﻋﻼﻗﺗﮭﺎ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣوت ﺿﻣن اﺳﺗﻘﺻﺎﺋﮫ ﻷﺳطورﯾﺔ ﻋﻧﺎﺻر اﻟﻛون اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ، واﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﺟذورھﺎ.
وﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺗﺑﯾن ﻣﻼﻣﺢ اﻟذات واﻟﻣرأة ؤ اﻟﻧص ﻣﺟردة أﺣﯾﺎﻧﺎ ﻓﺗﺑدو طﯾﻔﺎ، وﻣﺣﺳوﺳﺔ ﺣﯾﻧﺎ آﺧر إذ ﺗﺗﺷﻛل ﻟﮭﺎ ﻣﻼﻣﺢ وذﻛرﯾﺎت.
(ﻣن ھﺳﯾس ﺻوت ﺳﻣﺎء روﺣك ﻓﺎﺿت ﺑﺋرك ﺑﻌﯾن ﻣﺎء ﻣﺎﺋﮭﺎ وردة ﺣوت اﻟﺳﻣﺎء ﺑدﻣﻊ وھﺞ ﺗﺄﺟﺟﮭﺎ).
ﻧﻼﺣظ ھﻧﺎ ﺗﺷﻛل اﻟﻌﺑﺎرة ﺛﻼﺛﯾﺎ واﻟﻣﺄﻟوف ھو اﻟﺛﻧﺎﺋﻲ ﻓﺑدﻻ ﻣن ﻋﯾن ﻣﺎﺋﮭﺎ ﯾﻘول ﻋﯾن ﻣﺎء ﻣﺎﺋﮭﺎ، وﺑدﻻ
ﻣن دﻣﻊ ﺗﺄﺟﺟﮭﺎ دﻣﻊ وھﺞ ﺗﺄﺟﺟﮭﺎ. وھﻛذا ﯾﺳﯾر ﻧﻣط اﻟﻌﺑﺎرة ﻓﻲ (أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق).
إن أﺣوال اﻟﻌﺎﺷق ﻧص ﯾﺟﻣﻊ اﻟﻣﺎء، ﯾظﮭر اﻟﻛون ﺑﻧﺎره ورﯾﺎﺣﮫ وﺟزﺋﯾﺎﺗﮫ وﺑﻣﺎء اﻟروح وروح اﻟﻣﺎء،
ﻓﻲ ﻟﻘﺎء ﺑﯾن اﻟﻣﺣﺳوس واﻟﻣﺟرد (اﻟﻣﺎء /اﻟﻧور)، ﺣﯾث اﻟﻣﺎء ھو اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻟث اﻟذي ﯾﺗزاوج ﻣﻊ ﺟزءﯾن آﺧرﯾن: اﻟﺣﯾﺎة / اﻟﻣوت، اﻟرﺟل / اﻟﻣرأة، رذاذه ﯾﺗﺟﻣﻊ ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﻘﮭر اﻟﺷﺗﺎت اﻟﺗﻲ ﺗرﻣز ﻟﮫ اﻟﺻﺣراء واﻟﺟﻔﺎف واﻷﻓق اﻟﻣﻔﺗوح ﺑﻼ ﻣﻌﻧﻰ ﺣﯾث اﻟﻠون اﻟرﻣﺎدي ﻋدﯾم اﻟدﻻﻟﺔ. (ﻛل ﻣﺎ ﻛﺗﺑت وﻣﺎ ﺳﺄﻛﺗب ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟﺟﻣﻊ اﻟﻣﺎء ﻓﻲ ﯾد اﻟزﻣن.. أﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻛون وﺣدي، ذاﻛرﺗﻲ اﺳﻣﮭﺎ، وﺗﺎرﯾﺧﻲ دﻣﮭﺎ، وﻟون ﻣﺎﺋﻲ ﻟون إﻧﺎﺛﮭﺎ.. أﻧﺎ ﺷﺎﻋر اﺻطﺎد ﺳواد اﻟﻠﯾل ﻣن ﻧور ﻗﻠب اﻟﺳﻣﺎء، أرش اﻟﺑﺣر ﺑﻣﺎء اﻟﺧﯾﺎل، ﯾﻧﺑوع ﻣﺎء ﺣﯾﺎﺗﻲ ھو اﻟﻌﺷق، ھن ﺣﺷﺎﺋش طرﯾق اﻟوردة اﻟﺳﺎﺑﺣﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺎء اﻟداﻓﻲء ﻋرﻓت ﻧﻔﺳﻲ / ﻓﻲ ﻛل ﺷﺟرة ﻣﺎء طﯾور ﺳوداء ﺑﯾﺿﺎء ﺑﺎﺳﻣﺔ ﻓﻲ ﺣزن رﻣﺎدي ﺳرﻣدي).
إﻧﮭﺎ طﯾور اﻟﺷﮭﺎوي اﻟﺗﻲ ﺗرﻣز ﺑﮭذﯾن اﻟﻠوﻧﯾن ﻟﻠﺣﯾﺎة واﻟﻣوت ﺳﺗﻌﺎﻧﻘﯾن ﻓﻲ ﺟﺳد ﻣرﯾض ﻟروح ﻣﻐﺗرﺑﺔ داﺋﻣﺔ اﻟﺗرﺣﺎل.. إﻧﮫ ﻧص رﻛﯾزﺗﮫ اﻟﻌﺷق واﻟدورة اﻟزﻣﻧﯾﺔ ﻟﺗﻌﺎﻗب اﻟﻠﯾل واﻟﻧﮭﺎر ﻣراوﺣﺎ ﺑﯾن ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺳﻘوط واﻻﻧﻛﺳﺎر ﻣﺎ ﺑﯾن ﺣزن ﻟﺣﯾﺎة رﺑﻣﺎ ﯾﻧطﻔﻲء ﻧورھﺎ ﻓﻲ اﻟﻐرﺑﺔ وﺑﯾن رﺣﯾل اﻟﻰ أﻓق ﻻ ﻧﮭﺎﺋﻲ ﻣن اﻟﻧور اﻟﻣﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ ﺻﻔﺣﺔ ﻣﯾﺎه ﺗﻔﯾض ﺑروح اﻟذات اﻟﻌﺎﺷﻘﺔ ﻟﻠﻛون، وﺗﺣﻣﻠﮭﺎ دون أن ﺗﺗﺣﻠل أو ﺗﻐوص ﺑﮭﺎ أو ﺗﻔﻧﻰ اﻟﻰ اﻷﺑد.
أعلى