فهد العتيق - في مديح ليل قديم.. قصة قصيرة

أزوركم الآن في بيتكم الجديد
بعد تغير الوقت والأحوال
وبعد هبوب رياح صغيرة اقتلعتنا جميعا
ورمتنا في محطة جديدة
وفي متعة جديدة بلا روح
أمك ليست أمك
وأنت لست أنت
أراك سارحا وحزينا
لكنك لازلت طويلا ونحيلا وجميلا..
ولازلت تحكي لي بصوت هادئ وعميق عن الذين رحلوا ولم يعودوا
وعن حلمك السارح الذي أحببت ومات في منتصف الطريق
وعن وجوه النساء التي أحببناها جميعا ..
وعن شروق البيت وأظافر صغيرة وحالات فصام وإذعان صغير وكائنات لازالت مؤجلة.
قلت لي أنك زرت ذلك المكان لكنك وجدت جدار غرفتك قد وقع على طاولتك المدرسية. وأنك رأيت ثقبا صغيرا في بقايا الجدار المهدم كنت تخبئ فيه ريالات مصروفك ليومك الأسود. وفي مكان آخر وجدت بقايا وجهك القديم مرسوما على الجدار فوق صندوق أمك الحديدي الذي كان باللونين الأزرق والاحمر.
الآن أتذكر ضحكات واسئلة دارت بيننا طويلا عندما كنا نسهر في بيتكم القديم ذي الغرف الصغيرة المظلمة , في مساءات العطلة المدرسية , نغني ونرقص ونحكي ونتذكر. هل تذكر.
كنا نقرا قصصا واشعارا وكانت أمك تخيط لنا ثيابنا الممزقة بعد مباريات كرة القدم في الحارة . كانت أوقاتا رائعة .
الآن .. أزوركم في بيتكم الجديد لكنك لست أنت وأمك ليست أمك وأنا لست أنا .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى