إباء الخطيب - كما لم تُحب أنثى!

أحببتُه كما لم تحب أنثى..
طالما سطرت له النجوم في أقواس يستطيع الضوء أن يتدحرج عبرها إلى مخيلته كي لا تُظلم
في النهار أعبث بعقارب الساعة دون أن ينتبه الزمن، لتمر أوقاته الأليمة بسرعة وتطول لحظات هنائهِ.
كنت أشعل الشموع حول ذاكرته حين يحتاج أن تسعفه .
وأظللّ فكرته بالصمت حين يكون غاضبا ومتسرعاً.
مرةً خنقتُ غمامةَ الوحيِ بيدي كي لا تذرف ماءها قبل أن يمُر
ومرة قلعت الشجرة الأخيرةَ التي كانت تعود إليها عصافيري ، عندما شعرت أنها ستعترض طريق غزال كلامه الشعري السارح في حُلمي.
أما النساء اللواتي عرفهن قبلي فأخيرا استطعت أن أحشرهن في أضيق زاوية من ذاكرته ثم نسجت حولها شباك غيرتي بإحكام. أعتقد أنهن الآن لا يتنفسن, وربما أجملهن وأكثرهن مقاومة سقطت في اللامهم من حياته.
ضلعه التي خرجتُ منها ميّزتها بشريطٍ من القبل يتفتّق على شكل وردةٍ من قلبه كلما ضحك!
عيناه العميقتان المفعمتان ببريق المعرفة تورَّمتُ حولهما، لأني أؤمن أن هذا الورم سيبقيهما صارختين بالصفاء .. ربما هي فكرة شريرة لكني بصراحة فعلتها!
أتخيل عندما كان طفلاً أني رافقت أمّه في جميع رحلات الهم والسهر ,وناولتها الدواء حين مرض, ومسكته من أذنه وهي توبخه لكثرة شقاوته وأنا أضحك في سري وأدّعي الغضب منه
وعندما ذهب الى الجامعة أدرت رأسَ أستاذه نحوه وهو يحاول أن يجيب عن سؤال صعب فانتبهَ لمدى ذكائه.
كل النساء اللواتي أحببنه كُنّ مني أعرتهن القليل من حبي .. لكنهن وكما توقعت كن فاشلات لم تنفعهنّ مِنَحي.
حين صار مشهوراً كنت أول من صفق له، صفقت وبكيت إلى أن نزفت حناني كله مع دموعي فانتشى به.
زارني ليلتها في الحلم كان وسيماً محاطاً بهالة الشهرة كما أحب أن أراه هكذا مفعما بثقته وفخري.
- ألم تتعبي.
• قليلا
- ارتاحي إذاً
• يقال لا راحة في عالم اللهفة
- مدّ ذراعه فارتحتُ إليها وبدأ يهمس في أذني أشعاره الأحلى إلى أن غفوت في الحلم أي استيقظت .
عندما حاصرته الحرب بكيت عنه .. لم أستطع أن أحضنه أو أخفيه عن أعين الرصاص
لكني وجدت حلا .. فتحت له معبرا في الرحيل يودي للغياب .. فغاب!
وقتها كان يتنفس آلام النازحين فوهبته رئتي.
يحمل خطى الأطفال المتعبين على كتفيه فأركض وراءه وأشاغب حتى يضحكوا فيضحك!
وإلى الأن ما زلت أحيكُ بالشوك السترات للذين رحلوا فقد وعدني ساحر الحرب أنهم سيعودون عندما أنتهي.
وربما معهم يعود!.
وإلى أن يعود لا أدري أين سأرعى حمام أنوثتي فلم يبق في هذا البلد سوى شرفتين واحدة ٌ تطل على الألم وأخرى على الوهم.
وكلّ الطيور خائفة!



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى