إسماعيل آل رجب - غَمامةُ الملك..

ينبعثُ ذات يومٍ عاصف ، مع الغبار الأحمر للصّحراء ، يجتاحُ المدن َفيعتريها الغموض ، وكلّ الأشياء المتحركة تبدو أشباحاً ، يظنّ الناسَ في البدايّة ، أنّ الغمامةَ السّوداء فوق رأس الملك نوماني ، تحملُ الماءَ والجليد ، مشحونة بالرعد والبرق ..
ستسقي الزّروع وتُدر الضّروع
بعد قليل نرى البرقَ ، ثمّ نسمعُ الرّعدَ وصوتَ المطر..
كانَ مشراق الحدّاد في هذه الأجواء يسمعُ عواءَ الذئاب ، يأتيه من عمق الوادي ، تتراءى له في العتمة قطعانَ الضّباع والخنازير تتنفّسُ الظلامَ في تجوّالها هناك ، أنواعٌ ضخمةٌ من الأفاعيَ السّامّة ، تنساب بين الأحراش ، يصيبه العجَب حين يدعو الملك نوماني النّاسَ للرقص طرباً على أصوات عواء الذّئاب ، ويُطلق عليها تسمية بلابل الليل.
ثمّ يعجب أكثرحين يرى النّاسَ يستجيبون له بالنزول إلى بطن الوادي ، وهم يعلمون أنّ الذي يذهب لايعود...
يقوم الخدم والعبيد بتهيئة فعاليات المهرجان الليلي ، يجلس الملك نومان على كرسي جلالته "، يغطي كفه شعر كثيف وحين يمدّه تبرز أظفاره الطويلة مدببة الأطراف، يترقّب العبيدُ إشارتَه لبدء الفعاليات ، وفي كل ليلة تستعرض أمامه كراديس من رجال عراة ، تتبعها كراديس من نساء ثمّ أطفال !!
يرقص الجميع على اقدام الموت ، يرفعون اذرع الرعب ويخفضونها ، ينخرطون في طابور الصّراخ مجبرين ، وكلّ ينتظر دوره ، تخزيق الرجال، تقطيع اجسادهم مع النساء ، تثقيب الاجساد الطريّة للأطفال ، مشاهد تعذيب تتكرر لتحقيق ساديّة الملك وشهوته...
تتحرّك الجموع من أهل المدينة ذات ليل ، رجالا ونساء وأطفالا إلى بيت مشراق الحداد ، لوضع خطة للخلاص من الملك وحاشيته وعبيده ، وهم يؤمنون بقوة الحدّاد وحكمته وشجاعته في حسم هذا الأمر الجلل ..
الخطّة تقضي بأن يخرج اهل المدينة عن بكرة أبيهم ، يحمل كل فرد مالديه من سلاح ، أدوات حراثة الأرض والمناجل والمهاريس ، ثمّ يضع الحدّاد كل موجودات مصنعه من العدد والمطارق بأيدي شباب المدينة ، ويُوصى الجميع بأن يُشكّلوا طوقاً يحيط بطريق الملك ، ماعدا الجهة التي يدخل منها عندعودته فجرا ، وحين يتوسّط الطوق هو وأعوانُة يتم الهجوم عليهم من كل إتجاه .


اسماعيل آلرجب - العراق



تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى