أمل الكردفاني - إكسير الشباب.. قصة

- سيتم وضع الشخص داخل هذه الآلة وهي عبارة عن أنبوبة بلازمية، تعمل على النفاذ بأشعتها داخل كل جسم الإنسان لتنفذ إلى كل خلية فيه، وتعيد برمجة حمضها النووي، لتبدأ الخلايا في تجديد نفسها، تموت القديمة بسرعة وتنمو الجديدة بحسب الضابط الزمني الذي يتم تحديده في مؤشر الآلة مسبقاً، خلال نصف ساعة يبدأ عمل الخلايا، من الأصابع وحتى المخ والشعر والحوايا. مع ذلك، فإن الشيء السلبي لآلة إكسير الحياة هذه أن الإنسان سيعاني لمدة شهر ونصف من آلام التحلل المستمر للخلايا القديمة، والنزيف، وهبوط حاد في الدورة الدموية، فتقوم الآلة باستمرار بمعالجة تلك الآثار الجانبية، وبعد شهر ونصف يعود الإنسان لسن الشباب. يجب ضبط المؤقت الزمني بدقة حتى لا يعود المرء لسن أبكر من سن الشباب الذي اختار العودة إليه. ولذلك تسبق العملية قياساتٌ دقيقة لعمر الخلايا، وحيويتها. أما الخبر المؤسف فإن هذه العملية لا يمكن تكرارها مرة ثانية. هي مرة واحدة فقط. وفرصة واحدة لاسترداد الشباب لفترة مؤقتة. لقد وافقت عليها الهيئة الدولية لقياسات الأداء والجودة، والمنظمة الدولية لأبحاث العقاقير والأدوية الطبية. ومؤسسات دولية أخرى. إن تكلفة العودة إلى الشباب ليست منخفضة، لذلك قد لا يتحملها الفقراء. ونتمنى أن يساعدنا التطور المستقبلي في تخفيض التكلفة التي تصل إلى الملايين. أما الآن فسنعرض بعض عينات التجارب السريرية التي تمت. وسنبدؤها بحالة "لِلي" وهي سيدة من الفلبين كانت تبلغ من العمر تسعين عاماً أما اليوم فهي بسن التاسعة عشر، وكان ذلك باختيارها...هي..فلتتفضل السيدة لِلي وتحكي لنا عن قصتها مع جهاز الباليوثولوجي، أحدث جهاز لاسترداد الشباب..تفضلي سيدة لِلي.
- كم انا سعيدة للحديث معكم اليوم، لا زلت غير معتادة على الحديث بسرعة، فقد أصبح حديثي بطيئاً منذ سن السابعة والستين. أها..ولكن الآن وكما ترون فأنا لم أعد أعرف نفسي. أليست مسألة غريبة، فأنا معتادة على سن التسعين، أما سن التاسعة عشر ففقدت الاعتياد عليه منذ أفوله. هل تفهمونني، إن لغتي مفككة قليلاً، لأنني لا أستطيع شرح ما حدث لي،
- أنتِ مستثارة قليلاً يا سيدتي..ركزي على الجوانب الإيجابية في حديثك..
- حسنٌ..لكن كيف ذلك.. هل انا مسرورة بأنني فقدت سن التسعين، لست متأكدة من ذلك..إن روحي لم تتغير، ..
- سادتي المشاهدين اعتذر لكم فالسيدة لِلي لا زالت تعاني من صدمة ذلك التحول الرائع، العودة إلى سن الشباب.. سنلتقي الآن بالحالة الثانية، وهو رجل من البرازيل يدعي بيكاللو، كان يبلغ الثامنة والتسعين، عاش مزارعاً قوي البنية، لقد اخترناه على وجه الخصوص لأنه من الطبقة العاملة، فنحن نتطلع إلى منح الأمل لكل البشرية، وليس الأغنياء فقط، وسيحتاج من شركتنا شركة أوكوتكنولوجي، العمل باستمرار لكي نصل إلى غايتنا تلك. والآن يحدثكم السيد بيكاللو.
- أهلا..
- أهلا سيد بيكالو..حدثنا عن تجربة عودتك للشباب..
- أهلاً..
....
- تفضل سيد بيكاللو..
- حسنٌ..
- هل تشعر بسعادة يا سيد بيكاللو؟
- نعم
...
- نعم.. هل يمكنك ان ترينا عضلات ذراعك؟ هاهاها رائع..
.....
- ستعمل الآن بقوة أكثر في الزراعة أليس كذلك يا سيد بيكاللو؟
- نعم
- كم فداناً بامكانك أن تزرع؟
- الكثير..
- كم تقريباً..
- عشرون ..أو ثلاثون..
- جيد..صفقوا جميعاً للسيد بيكاللو المزارع الشاب القوى والذي يبلغ عمره الثامنة والتسعين ولكنكم بالطبع لا ترون ذلك.. ننتقل الآن إلى لعينة الثالثة، وستفاجؤون بالطبع عندما تعلمون أنها شخصية مشهورة، إنه المطرب التاريخي عبدالله داو من مدغشقر..نعم صفقة كبيرة للسيد عبد الله..السيد عبد الله كيف حالك الآن؟
- ليس هناك أفضل من هذا بالتأكيد..
- جميل..رائع.. ولكن لماذا هو أحسن من ذلك..
- لأنني كنت أتجه للموت بلا شك..حبالي الصوتية جفت، لساني ثقل، أصبح المطربون الشباب الهواة لا يقدرون الفن الأصيل..ركنونا على الزاوية..وأثاروا الصخب والعجاج بغنائهم المبتذل..
- والآن سوف تقوم بإعادة الفن لما كان عليه..
- لا لا لا.. سأمارس الفن الذي يتناسب مع سني الحالية أي الثانية والعشرين..ولكن هذا لا يعني بأنني سأغني غناء مبتذلاً بل سأقوم فقط بتنظيم ذلك الضجيج والصخب ليكون معتدلاً قليلاً.. إن الجيد في عملية عودتي للشباب هي أن عقلي لا زال محتفظاً بخبراتي التسعينية..وهكذا جمعت بين قوة الشباب وحكمة الكبار..وهذا رائع..
- رائع بالفعل يا سيد داو..إنني أكاد أبكي من فرط التأثر..
- إنني أيضاً متأثر..
- حسنٌ لا تبكِ يا سيد داو..أرجوك توقف عن البكاء..
- لا أستطيع التوقف عن البكاء.. إن كآبة عظيمة تغمرني يا سيدي..لست فرحاً بل أشعر بكآبة عظيمة..
- آه يا سيد داو..كلامك سيقوض مجهوداتنا كلها في تطوير الجهاز..
- لن أستطيع الاستمرار هكذا يا سيدي.. أنا ابن التسعين..لست إبن العشرين..روحي ليست كذلك..تفكيري ليس كذلك..إنني أشعر بأنني شخصين منفصلين.. لم أعد أتحمل..أنا آسف يا سيدي.. حاولت أن أجاملك..لكنني لم أوف بالتزامي السابق معك.. لذلك..أنا افضل الموت..
- ما الذي تفعله يا مجنون...لا تطلق النار على.....يا إلهي...لقد دمر المشروع تماماً..

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى