سعيد كامل "إنت بعت.. وبعت بمليم يا صلاح"

"إنت بعت.. وبعت بمليم يا صلاح"..
كانت هذه هي الكلمات القاسية التي وجهها رسام الكاريكاتير السياسي "بهجت عثمان"، إلى صلاح عبد الصبور، في منزل الشاعر أحمد عبد المعطى حجازي في 15 أغسطس ،1981 أثناء سهرة أقيمت احتفالًا بمناسبة عودة الأخير من باريس، التي أقام بها لسنوات طويلة إلى القاهرة كي يستقر فيها بشكل نهائي، وأدت إلى إصابته بأزمة قلبية حادة، جرى نقله على عجل بعدها إلى أحد المستشفيات القريبة ولكن المنية عاجلته ليتوفى بعدها بخمس دقائق وعمره لم يتجاوز الخمسين عاما. وفي حوار له مع الأديب جهاد فاضل عام 1984 سرد حجازي تفاصيل الواقعة كما حدثت أثناء تلك السهرة التي حضرها الناقد الدكتور جابر عصفور، وأمل دنقل وزوجته عبلة الرويني، وبهجت عثمان وكما هو مبين أعلاه.. وعندما سأله جهاد عن أسباب احتدام النقاش أساسا ووصوله إلى هذه الدرجة من التوتر قال: ظن بعض الناس أن موقفه في معرض الكتاب الدولي، كان موقفًا سيئًا، على الرغم من أنه حاول أن يضع العراقيل كلها في وجه اشتراك الإسرائيليين في المعرض، ولكنه لم يستطع، وأكثر من هذا أنه فتح مكتبه للمثقفين المصريين الذين تظاهروا ضد اشتراك الإسرائيليين، والذين رفعوا العلم الفلسطيني، ووزعوا المنشورات، مما أدى إلى قيام رجال الأمن في المعرض بتفتيش حقيبة صلاح، واقتحام مكتبه، وكان رد فعله محاولته أن يستقيل". ويضيف حجازي: من المدهش أن هذه المواقف التي كان ينبغي أن تؤدي بلجان المقاطعة العربية إلى توجيه التحية لصلاح، وصلت مشوهة إليها، فوضعت اسمه ضمن قائمة المقاطَعين، وهو الامر الذي وجه له طعنة في الصميم ولا أشك في أن هذا التصرف كان ضمن الأسباب التي أدت إلى هذه الوفاة المفاجئة والتي عجلت بها كلمات بهجت عثمان". كانت وفاة صلاح عبد الصبور المفاجئة صدمة هزت الحياة الثقافية، وفضحت، في الوقت ذاته، قسوة المثقفين في تعذيب الذات والآخرين، وكيف أن كلمات جارحة تطلق بلا حساب، يمكن أن تقتل إنسانًا شاعرًا وحساسًا ومعتزًا بنفسه. أودع حزنه وبثه يومًا في كلمات قصار تقول: "الناس في بلادي...جارحون كالصقور."



أعلى