أمل الكردفاني - التقيوء تحت حافة الكون.. قصة

تمتد قبضة من رماد، وتقبض على قضبان عتيقة، أو كذلك يعتقد، أذ يبدو العالم وقد تشكل حين فتح عينيه الممتلأتين بالصديد، وسينتهي عندما يغمضهما. (يُلخص العمر نفسه في اللحظة الراهنة) ولو ظل الصرح يحترق منذ الميلاد. (كانت المرأة شابة، وكانت أمه) جميلة تذكرها، فابتسم. وكانت الأشياء ليست هي الاشياء. إذ كانت كل لحظة راهنة تلفظ جانبيها من الزمن، وكأن لا شيء سيتحرك إلى الأمام.(عقله مدمن على الوعي بالثبات فقط؛ كبندقية قديمة لا تصلح لاصطياد أهداف متحركة). وفوق هذا؛ يعتصر عينيه ليمحو الذاكرة. ثم يمد يداً من الرماد ليقبض على القضبان؛ يجمع شفتيه ويقحم عينيه بين فواصل القضبان عله يرى السواحل الصفراء تحتجز المسطحات الزرقاء الممتدة على الأفق. لكن لا شيء يُرى غير جدارٍ مسودٍ بالسخام ينتصب بين الزنزانة والحرية، فينطح القضبان بجبهته ويسيل خيط دم أسود. (لا زالت عيناي ممتلأتين بالصديد؟ "صمت"..اليس كذلك؟). لا معنى حيث الذات تحيا بوعي نفسها، هنا تتساوى مع الموات وتأكلها حقيقتها كورقة تتلوى وهي تحترق.
"تباً"
ويضرب صدره بقبضتيه معاً، لكن الدخان لا يخرج منه، بل يمور داخله كديدان الجحيم.
"سأتخلص من الجدران"
يخلع حذاءه وينزع عنه الايقونة النحاسية الصغيرة، ثم يبدأ في سلخ جلده.
(تمت)
--
أمل الكردفاني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى