أمل الكردفاني - مقدمة كتاب لمعركة أساريون الخالدة.. قصة قصيرة

الزحف يتقدم نحو المناطق الصخرية على تخوم جبل أساريون حيث يعبر نهير بين الأكمات المتفرقة.
هناك موتى كُثر مغمورون في الزمن، وهناك آلاف على استعداد أيضاً للسقوط في هوايته السحيقة. تلك الأعين المنفتحة نصف فتحة، رمادية العدسات، كحجر كريم استخرج لتوه من تحت التراب. وتلك الشفاه الشاحبة وسط سواد يحيط بها وخيوط من الدماء التي جفت أثناء هبوطها متوزعة في دلتا متشعبة بين الأحجار والحصى. ستزيد أعدادها بعد قليل. السيقان تتحرك مسرعة مثيرة الغبار قليلاً والكثير من الجلبة التي تعلوها زخات من الأنفاس الساخنة.
الحيوانات المفترسة والعاشبة فرت من بين الصخور أمام جموع البشر الذين يمكنهم هزيمة آلاف من الأسود بصرخات غضبهم فقط. كل ضوء يتبدد، وتتجمع السحب في مساحة عريضة من السماء، وتنذر بموت مؤلم.
....

لا شيء أبلغ من جثة إنسان، حيث تحمل حكمة الوجود المفقودة.
....
"لا شيء في السماء..إن كل شيء هنا..في الأرض..وهذه الأرض لنا"
- انتم غرباء..أجانب..ارحلوا
- لقد انتهى الأمر..
ونشب القتال، كان قتالاً وحشياً من اجل الأرض..ليس من أجل الأرض.. بل من أجل الكينونة..لكي تحيا يجب أن تموت..
....

مضت عقود طويلة، منذ معركة أسفل جبل أساريون، سبعون عاماً انقضت، ولا زال الجبل واقفاً بذات شكله القديم. فقط لم يعد البشر يحيطون به. كان كإله فقد المؤمنين به. لقد تفرقوا بعد الثورة الصناعية، وغابوا في لُجة المُدن.
وها أناْ أكتب لك يا صديقي مقدمة لكتابك عن ماضي أجدادنا الذين تقاتلوا من أجل لا شيء..أو من أجل كل شيء..فكل الحاضر من كل الماضي.
مرفق صورة لابنتي الصغيرة من زوجتي الألمانية.. لا علاقة لها بأفريقيا ولا بجبل أساريون..لكنها ستقاتل من أجل جبل ألماني يوما ما..
خالص مودتي

(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى