محمود شقير - فستانُ العيد.. قصة

سَمِعَتْ رفيفُ غِناءَ الأولاد، فغادَرت البيتَ إلى الحارة، وكان الأولاد يُغنّون:
اليوم العيد نُعَيِّد/ ونذبحُ بقرة السيِّد
اقتربتْ رفيفُ من الأولاد، وَرأتهم يرتدونَ ملابسَ جديدةً، فانتبهتْ إلى أنّها غادرت البيتَ وهي تَرْتدي ملابِسَها القديمة، فَعادتْ إلى أمِّها مُسْرعةً وصاحَت:
-أينَ فستانُ العيد يا أمّي؟
قالتْ لها أمّها:
-إنّه في الخزانة. لماذا خَرَجْت ولَمْ تُخبريني؟
ركضتْ رفيفُ إلى الخزانة، وأخْرجَت الفُستانَ الأحمرَ الجديد. فرحت رفيفُ وهي ترتدي الفُستان، ثم خَرَجَتْ ثانيةً إلى الحارة، واقتربتْ منَ الأولاد، تقدّم منها خالدٌ وسألها:
-من اشترى لكِ هذا الفستان؟
قالتْ لهُ رفيفُ وهي تتأملُ فُستانها:
-أبي اشتراهُ لي.
لمْ يُصدّقها خالد، فقال:
-أبوك! هل تعرفينَ أينَ هو أبوكِ؟
تذكّرت رفيفُ أنَّ أباها في السجنِ، فعادتْ إلى البيتِ، وراحت تَخلعُ الفُستان، سألتها أمّها:
-لماذا تخلعينَ الفُستان؟
قالت رفيفُ غاضبة:
-لا أريدُ هذا الفستان.
تساءلت الأم:
-لماذا يا حبيبتي؟
قالت رفيف:
-قلتُ للأولاد: أبي اشتراه لي، فلمْ يصدّقوا.
-لا تَغْضبي، فحينما زُرْتُ أباكِ في السجنِ، طلبَ منّي أنْ اشتري لكِ فُستاناً أحمر.
حمْلقتْ رفيفُ في وجهِ أمّها وتساءلت:
-هل قالَ ذلك حقاً؟
قالت الأم:
-طبعاً.
عادَتْ رفيفُ إلى الحارةِ مبتهجةً بفُستانِها الأحمر، ولمّا اقتربتْ من الأولاد قالت:
-أبي طلبَ من أمّي أنْ تشتري لي فستاناً أحْمر.
اقتربَ خالد من رفيف وسألها في خُبث:
-لكن، لماذا سَجَنوا أباك؟
صمتَ الأولاد، وظلّوا ينظرونَ إلى رفيف لعلّها تذْكُرُ لهم لماذا سجنوا أباها، لكنّها نسيت السبب، رغمَ أنّ أمَها حدّثتها عن ذلك، وحينما لمْ تجدْ جواباً، عادتْ راكضةً إلى البيت، وسألتْ أمها:
-أمّي، لماذا سجنوا أبي؟
قالت الأم:
-قلتُ لكِ من قبْل: سَجَنه الأعْداء لأنّهُ يُحِبُّ وطنه.
رَجَعتْ رفيفُ الى الأولاد، وحينما أطَلَّت من بعيد، صاحَتْ بصوتٍ عال:
-سجنوا أبي لأنهُ يُحبُّ وطنهُ.
توقَّفَ الأولادُ عن اللعب، واستمعوا باهتمام إلى رفيفَ وهي تُكرّر القول:
-الأعداء سَجنوه لأنّهُ يُحِبُّ وطنه.
حدّقتْ رفيفُ في الأولاد، ثمّ اقتربَ منها خالد، أمْسكَ بيدها وقال:
-هيّا بنا لنُغنّي: بلادي بلادي.
راحَ الأولاد يُغنّون. ظلّتْ رفيفُ تغنّي معهم في يوم العيد، وهي مسرورةٌ لفستانها الأحمرِ الجديد.




أعلى