د. صلاح هداد - أغنيات في حضرة البجاوي

ذات صباح طلت سوسنة من بين ركام الاشواك وصخب الحصباء
اخترقت عصب النأي المحزون وغنت للقادم من جب الاشجان
وشقت سقوف الدنيا سالت فرحا ترحابا وحنينا
وتغنت بلغة لا تعرف حقدا ..........هشت للقادم
وقالت في نغم يتقطر الحانا قدم بل .......دبايوا .....اكوبام
البداية
التاريخ يبدأ من هنا
والشمس تشرق من هنا
والحضارات تنبع من هنا
حيث يشمخ وجهك القمري يغمر الكون بدفقات الضياء
وحيث تضج سماوات حزنك بين الموت والميلاد
عمرا ينزف حنينا وحريرا واحتفاء
تتجلى في عمقك البدوي دلالات الوطن المفعم طهرا ونقاء وأصالة
تبث في عروق الأرض أسرار الخصوبة
تسكب فيها كؤوس العز تحررها من ذل السؤال
وتتطل من نافذة التهميش شامخا كالطود الاشم
تسخر من قبح السجن والسجان والجلاد والقواد
وجوقة الكهنة وحملة المجامر وحارقي البخور اللئام
وتحتويك هالات الفخار ..وتجليات النها ر
وتسورك الحمائم والغمائم والعمائم العاشقات
فينداح رسمك ووسمك رمزا يفيض القا وجلالا
يتأطر فوق أكمام الورد كحبات الندى الرقراق
حين تهطل فضاءات حسنك فرحا خرافيا مدهشا
يبلل ظمأ الفصول القاحلات وانفعالات الأرض اليباب
وعلى كفيك الخشناوين تنبت أغنيات الفرح المزمل بالهواجس والحزن النبيل
التقرير
أنا البجاوي

بجاوي أنا ومن رحم الجراحات الأليمة
ومن هجير المدن الطاردات
ومن ذوب الهوى ..ومن ركام الذكريات المريرة
صيغت خلاياي وعلى جمر المعاناة مجدولا ومشتولا ومشويا
وحدي أحدق في مرايا الزمن الرمادي العقوق
استقرأ فصول مأساتي

استرجع في مخيلتي التي أعياها السهاد
جحافل من سرقوا الابتسامة من طفلي
ومن مزقوا دثاري الشتائي الأنيق
وصنفوني في عقلهم الجمعي ..
سرا بأني أغرد خارج السرب
وأني احلق خارج اطار التاريخ
نهبوا حقوقي ... اغتالوا في البراءة والحضور
أماتوا في شراييني بهجة العمر ووهج الحياة
باستعلاء مزيف أشاعوا بأنهم كرام الأصل والنسل والفصل
صبوا ظلام أباطيلهم في الطرقات والمنعطفات والفلوات
أسئلة المالآت والمستقبل
لحطتها اسلمت روحي لسيل التساؤلات المفجعة
من أنا ؟ومن أين أتيت ؟ولماذا؟ وما المصير؟
بح صوتي حسرة....
والصدى والصوت الشغوف يعانق البيداء ينادي
يا أوشيك! يا حمد علي ويا إدريس ؟
اما زلت تحلم بحزم السواك تسومها في الطرقات
وعبر نوافذ الحرمان وقرب محطات القطار
أما زلت تحن لاتكاءة خضراء ...
تحت ظلال الدوم تنسج من سعف الجراحات أغنية
لمن مضت ذات يوم حين انهد جدار الجب فانشطرت إلى نصفين

نصف يلعن التاريخ والشهود والمخبرين ومن دفعها لهول المصير..

ونصف يلعن العالم الموغل في النرجسية والخواء وتأليه الذات

هي السمراء بنت الشرق ترد الماء صبح مساء

وتغشى الغابة تحتطب

تتلفع أردية العفة والطهر وتقتات جمر الحزن ومر الصبر

وتتوهج عيناها تتمعن في اللوحة والتشكيل والتكوين

تستمطر من ليل الهجر المبرح صورا تتسلق جدار الليل

وككل نساء الأنس تحلم بالفارس والزفة و زغاريد البهجة

وبخيمة من شعر أو سعف أو دوم على رابية جرداء

وجلسة حب تأصيلا للواقع

وعلى كتفيها تتماوج خصل أحرقها هجير الصيف ومقت الروتين

فيمتزج الزيت بأريج الودك الفواح

وعلى ثغرها الباسم تتدفق أغنية توغل في الرمز والعمق و بالأشجان

حسناء فاتنة تحلم بالفجر وبأجنحة تطير فوق فضاء المعقول و اللامعقول

أنثى تتدفق دلالا وجمالا وصفاء وعذوبة

يبهرك الحسن الآخاذ ..في أجواء تطفح بالألفة والدفء

وعلى أستار الأفق تتمدد أشباح المأساة طفلي وطفولتي وبراءة أشيائي الفطرية

المزمار والربابة

هنيهة وتنساب ألحان مزمارك الخشبي توقظ في خلاياك أن انتبه.............

والشمس تلفح وجهك القنديل.....

تنثر في العالم أشعار الحب..

وتلحف في التحية والسلام

دابايوا .اكوبام ...

ترسل شدوا يشق جدار الصمت...

تسخر من وخز الوجع ...

تتسامى فوق جراحك ...لهفي عليك !!

الحقيقة وانكشاف الحجب

ورقة التوت الأخيرة تتهاوى وتنكشف العورات..

لن يرحموك من باعوا بهاء مجدك بثمن بخس في حان الخنا وموائد القمار

وسهروا حتى الصباح يقارعون الكأس والأرجاس والأنجاس

وتركوك في قارعة الطريق تلعق مرارة الأحزان

تصارع السل والفقر ...

وعواء الذئاب وزمهرير الشتاء بلا غطاء ولا لباس

وحدك تجتر فصول حكايتك الأليمة ..

وترشف الفنجان تلو الآخر من قهوتك المخدر

وأوهموك بأنها إرث أسلافك

لكنهم أرادوا طمس هويتك ووأد الطموح فيك وشعلة التغيير

هم أقعدوك مصوا من نخاعك شمم الكبرياء

فلا تخدع بأصباغ الوجوه الكالحة ولا الابتسامات الصفر الماكرة

اما لمحت في نظراتهم خبث الطوية .....

أو ما قرأت ما بين السطور؟؟؟

الحسم والقرار

فانتفض أيها البجاوي ....يا أيها الجمل الأصيل

ودع التسكع في دهاليز الخيال والأمنيات السراب

فأنت الرقم الصعب .....وأنت الريتاج

أنت القابض على الجمر وأنت الشاهد على تفاصيل الجريمة

لا ترهن الأرض البتول للأوغاد أيقظ العملاق فيك!!!

فلم الوهن؟

حطم الاغلال ...تقدم نحو باحة النور .......

وتمسك بالأسئلة المصير

وامتشق الحسام واشحذ دواتك والقرطاس

فالصباحات الندية... ل

ا تفرش حرير الورد لمن استمرأ الدعة والسكون

واستبدل تبر القضية بالتراب

فانتفض قاوم التيار انقش على صخر الزمان حلم الانتصار

استلهم التاريخ ....واستقرأ رموزا انتزعت من شدق الأعادي هوية و مقعد

وصاغوا من قيود الجلاد جادئلا تهلل للفجر القابع خلف سياج الاقصاء

وتحية لمن أشعلوا فيك نار الثأر فاستضاءت ضفاف القاس وتألقت ربا التاكا

وتجلى القلزم الدفاق يرقص في طرب

وارتوت شطآنه وعيا و رعودا وبشارة

وتحية لأسراب النوارس يفردن في فخر أجنحة الفضيلة

تداعيات الغضب وفوانيس الهوية

بجاوي أنا .................

من أنفاسي يضوع العطر والمسك عرقا يسح في هجير الثغر

وفي ملح الإباء حين ترتعش الأصنام ...وتنزوي الأقزام إلا أنت تخب في طين الحقيقة

تهب الآخرين فوانيس الاستصباح فيشيخ جنح الدجى وتنكمش الأبعاد

منولوج (الصوت والصدى واهازيج الغبن)

وأنا أعلم من أنا .....

ومن سرق الحضور ومن غيب الوعي في

ومن .........ومن ....

لكنني اليوم أنا لم أعد كما أنا فأنا الآن قد عرفت طريقي

فاضبط الايقاع يا رفيقي وغني للشعاع القادم من تلقاء الشمس ...

ومن شرق البلاد

لا تدع القيثارة تفلت من يديك واطبع وشمك الدامي على رمال الجراح

يا من تمثلك الفؤاد كعبة الأفراح وملاذا حين حاصرنا شبح الخوف

أنت وحدك السيد والقنديل

اليك تنحاز نبوءات الرسل والكتب السماوية

حين تنداح البراءات من عينيك نبعا سلسبيلا

فتوقد في تلافيف الروح شموع العشق الخرافي واهازيج السلام

وتغرس في ذاكرة الزمان ما تبقى من الاحلام والالام

ومن الأغنيات العذاب ومن خبز النشيد

فيولد أوانك وطنا بحجم الخلد

يستكمل اللوحة المنسوجة من بهاء طهرك في الراهن الرمادي العنيد ..

زمن التساقط والتهافت والتردي والرماد الفسفوري الكريه

عذرا يا ايها البجاوي الجميل يامن سكبت الدم مدرارا في ابتغاء الحرية

ووهبت روحك للقضية ...

وتحورت نبراسا يضيئ للقادمين من رحم الغيب دجى الأيام

فالله وللتاريخ اصوغ شهادتي

فتعال آيها البجاوي وانشد مدحك الصداح للنهارات الوضيئة

واهمس في شفاه الكون أسرار الحكايات التي علقت دهورا في ذاكرة الظلام

تعال يا أيها المفعم بالكبرياء ودع الحنين راعش الكفين يسرف في السؤال

ولتأتي أشباح الصيف والخوف وعنقاء الخرافة والمخبرين والليل محتلكا

وعلى كتفيها تتماوج خصل احرقها هجير الصيف فيمتزج الزيت بأريج الودك الفواح

وعلى ثغرها الناعم تتدفق أغنية توغل في الرمز والعمق يفيض بالأشجان

حسناء فاتنة تحلم بالفجر وبأجنحة تطير فوق فضاء المعقول و اللامعقول

تتدفق دلالا وجمالا وانوثة يبهرك الوهج الاخاذ يحملك في اجنحة الحلم

في أجواء تطفح بالألفة والدفء

وعلى أستار الأفق تتمدد اشباح المأساة طفلي وطفولتي وبراءة أشيائي الفطرية

الراوي و الرؤية وبشارات الاوبة

وجئتك وفي النفس شوق يفترش ما بين المشرقين ...

وفي مقلتي قصائدا من تبر ومن شوق وتباريح الحنين

أطرزها في يوم عرسك للغلابي الطبيين ..

ولمن فقدوا التواقيع والعناوين والوجهة وبوصلة الطريق

فتاهوا في دهاليز الهوية لكنهم لم يُسلبوا روح الانتماء

لكأنهم في ليل هجرهم ملائكة تطأ الثريا..

وكأنهم في ضيقهم كواسرا تستعصي على التيار

وليفرح الاطفال ولتفتح بوابات العز ....وأنهار الضياء...

ونعيد صياغة التاريخ نكتب أقصوصة المجد الذي طمسته الوحوش

ونقول في شمم نحن هنا نزرع الامل وجدائل التفاؤل

نهب القيم للآخرين

ونجزل في العطاء

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى