ديوان الغائبين أديب إسحاق - لبنان - 1856 - 1885م

ولد في دمشق، وتوفي في الحدث (بيروت).
عاش عمره القصير بين دمشق، والإسكندرية، والقاهرة، وباريس، وبيروت.
كان والده من طائفة الأرمن الكاثوليك.
تعلم في مدرسة الآباء العازاريين بدمشق، فأتقن العربية والفرنسية، وقد ترك الدراسة وهو في الحادية عشرة وهاجر مع والده إلى بيروت حيث عمل كاتباً في الجمرك، ثم في البريد ليساعد والده، وفي هذه الأثناء درس اللغة التركية، وبدأ يتطلع إلى مراسلة المجلات الأدبية.
اتصل بجمال الدين الأفغاني في القاهرة، فشجعه وأثر فيه تأثيراً شديداً.
أصدر مع سليم النقاش جريدة «مصر» - 1877، ثم أصدر جريدة «التجارة» التي نشر فيها الأفغاني بعض مقالاته. هاجر إلى باريس ومن هناك أصدر جريدة «مصر» بالعربية، لكن برد باريس أثر في صحته فأصيب بذات الصدر، فعاد إلى مصر، وعمل في وزارة المعارف، وعندما اشتد عليه المرض عاد إلى بيروت، وفي الحدث كانت النهاية.
كان عضواً، ثم رئيساً لجمعية «زهرة الآداب» التي تأسست 1873 .
كانت نزعته التحررية تجد غذاءها في فكر الأفغاني، فحاربه الحكم التركي وطارده إلى باريس، وهناك التقى بفيكتور هوجو وشهد الحياة النيابية الحرة، وسجل هذا في صحفه، كما تبنى القضية ذاتها في نشاطه المسرحي ليوصلها إلى الشعب.
لقبه الأدباء الفرنسيون الذين صادقهم في باريس: بـ «نابغة الشرق».

الإنتاج الشعري:

- تجمع لديه قدر كبير من المقطوعات والقصائد، لكنها لم تنل عنايته ففقد الكثير منها، وقد ذكر أخوه عوني إسحاق، الذي جمع آثاره النثرية والشعرية في كتاب بعنوان «الدرر» أن لأديب عدة قصائد ومقطوعات في ديوان صديقه يوسف الشلفون «أنيس الجليس».

الأعمال الأخرى:

- ترجم ثلاث مسرحيات عن الفرنسية: «أندروماك»، و«شارلمان»، ترجمهما نثراً تتخلله قطع من الشعر لحنها بنفسه، وقد نجحت المسرحية الأولى في بيروت ثم الإسكندرية نجاحاً كبيراً، المسرحية الثالثة «غرائب الاتفاق» (مفقودة)، وله مقالات وخطب ورسائل، تضمنها كتاب «الدرر»، ولايزال قدر منها لم يجمع إلى الآن،وهي أعماله المبكرة، كما ألف كتاب: «نزهة الأحداق في مصارع العشاق»، وبالاشتراك مع سليم الخوري ألف كتاب «آثار الأدهار»، كذلك ترجم بعض الكتب المعجمية والأخلاقية.
لايرقى شعر أديب إسحاق إلى مستوى نثره، فقد تجلت بلاغة شعره في صنعته البلاغية، وتكلفه البديعي في الجناس والطباق والمقابلة والتورية. وقد يحسن اختيار الألفاظ الرنانة التي يطرب لها السمع، ويتقبلها الذوق السليم، وله قصائد جرت مجرى الأمثال، وقد نظم في أغراض الشعر المعروفة.

مصادر الدراسة:

1 - أديب إسحاق: الدرر - (جمع عوني إسحاق) المطبعة الأدبية - بيروت 1908.
2 - جرجي زيدان: تراجم مشاهير الشرق - (جـ2) - منشورات دار مكتبة الحياة. بيروت (د.ت).
3 - مارون عبود: رواد النهضة الحديثة - دار العلم للملايين - بيروت 1952 .
4 - عمر الدسوقي: في الأدب الحديث جـ1 - دار الفكر العربي - القاهرة 1954.
5 - عيسى فتوح: أديب إسحاق باعث النهضة القومية - مطبعة كرم - دمشق 1976.

املأ الأرض غراما

حَمِّلِ الريحَ سلاما = واملأِ الأرضَ غراما
واجعلِ الأشواقَ كأساً = واشربِ الدمعَ مُداما
واصحبِ الذكرَى نديماً = إن تكنْ ترعى الذماما
وخُذِ النجمَ سميراً = وامنعِ العينَ مناما
هجر الحبَّ فصار النْـ = ـنَوْمُ والأُنْسُ حراما
أيها الظبيُ إلامَ الْـ = ـبُعْدُ عنّي وعلاما
قد نسيتَ العهدَ والوِدْ = دَ وغادرتَ الوئاما
إن تكن تُؤثر بُعدي = يا أخا الحسنِ سَآما
فأنا يا مالكي عَبْـ = ـدٌ على العهد أقاما

***

حسدتُ البهائم

فإلام الخنوعُ الكونُ والعمرُ ماضٍ = يا لَقومي بالذلّ والتعنيفِ
كيف يرضى بخطّةِ الذلّ قومٌ = ويقولون نحن شُمُّ الأنوفِ
قد تبيّنتُ حالتي وأنا في = ربقةِ الأسرِ تحت رقّ العريف
فحسدتُ البهائمَ العُجْمَ لما = لُـحْنَ للعين في ظلال الكهوف
كيف يصفو عيشُ الفتى في ديارٍ = ساد فيها الغبيُّ كلَّ ثقيف
فبدا الجهلُ والحقيقة أمستْ = وهي ذاتُ الستارِ خلف السُّجوف

***

يخاطبنا الزمانُ

يخاطبنا الزمانُ بلا لسانٍ = ولا كذبٌ لديه ولا مراءُ
يقول إذا ألمّ بكم بلائي = فلا يبقى الودادُ ولا الإخاء
وما الدنيا سوى أضغاثِ حلمٍ = فإنْ جادت وإن بخلتْ سواء
دفعتُ عناءها باليأس حتى = تَساوى البؤسُ عندي والهناء

***

في المرأة

حَسِب المرأةَ قومٌ آفةً = مَن يُدانيها من الناس هلكْ
ورآها غيرُهم أمنيّةً = ملكَ النعمةَ فيها من ملك
فتمنّى معشرٌ لو نُبذتْ = وظلامُ الليل مشتدُّ الحَلَك
وتمنّى غيرُهم لو جُعلتْ = في جبين الليثِ أو قلب الفلَكْ
وصوابُ القولِ لا يجهله = حاكمٌ في مسلك الحقِّ سلك
إنما المرأةُ مرآةٌ بها = كلُّ ما تنظره منكَ ولك
فهي شيطانٌ إذا أفسدتَها = وإذا أصلحتَها فهي مَلَك

***

موشح

غَرّدَ البلبلُ في روض الحِمى
فوق بانٍ تحت جُنح الغَلَسِ
عندما أقبلَ معسولُ اللَّمى
يتثّنى في رياض السندس
بأبي ظبياً علينا شَفقا
مُعرباً عن مبسمٍ كالشفقِ
وأتى نحوي فلمّا رمَقا
لم يدع للصبّ غيرَ الرمق
ذا جبينٍ كهلالٍ أشرقا
فهدى بالنور أهلَ المشرق
ولحاظٍ كنبالٍ حيثما
رُشقتْ كانت نذيرَ التعس
وخدودٍ بعد سُقياها الدِّما
غرستْ بالورد أبهى مَغرس






تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى