مؤنس الرزاز - فاصلة في آخر السطر

“ورأيت حبيبتي في المكتبة. وما كانت تعرفني. وكيف أحبها لو عرفتني؟ فالمعرفة قرب. والحب قرب وحياة وفعل معاش. وأنا لا في أن أعيش حبها وأحيا عشقها وأرغب في أن أكتب عنها، لا أن أحياها، والكتابة بحاجة إلى مسافة. ينبغي للسندباد أن يعود إلى اليابسة وأمانها وكسلها… كي يكتب عن البحر ومفاداته. فالتأمل مستحيل أثناء الاشتباك. انها تشتري جريدة الحياة. إنها تحب الحياة. تشتري جريدة الحياة. تناول زوجها المحافظ الجريدة، وتبقى الحياة لنفسها لأنها “صحيفة الحياة”. وهي لا تحب أن تقرأ الحياة، تحب أن تحياها. وزوجها مؤرخ. انه يعيش في الماضي. يقول لها وهو يتناول الملوخية والبصل ويقرأ عن الحياة أو يطالع الحياة بدلاً من أن يحياها الملوخية شهية مثل قصيدة النابغة الزبياني الذي قال… إننا أمة من المؤرخين نعيش التاريخ السحيق. ننقب في الحفريات وهاهي بكل أبهتها تشتري ديوان الأخير. “قصائدي الأخيرة” عنوان ديواني. تقول بصوت باذخ للبائع بصيغة تنم عن تساؤل: هذا هو ديوان مطر الربيع الأخير…يهز البائع رأسه المثقل بالنعاس ويقول: نعم. ثم يبصر في فجاة. فيشرق وجهه ويشير إلي بأصبعه الغليظة. هاهو وأهرب. فالهربة ثلثا المعاشق (على وزن المراجل). لكنها لحقت بي بخطوات رشيقة. أنها غزالة برية في مدينة صاخبة. نادت بصوت آسر: أستاذ مطر. أسرتني فنكست رأسي ولم أتزحزح. قالت متسائلة. أنت مطر الربيع؟ غمغمت مشيحاً وكأنني أدلي باعتراف عن رفاقي بعد تعذيب هذا اسمي لكنه ليس أنا. رفعت حينها الوضاء وقالت ماذا تعني؟ قلت انني توغلت في العمد، بينما ظلت هي بائعة فأنا أذوي في خريفي لا مطر ولا من يحزنون. خواطري ظماء.
أعلى