عبد الجبار الحمدي - تانيا وتميمتا الحظ والحب

سارعي تانيا لقد بدأ يتحرك القطار دون ان نركب قاطرته هيا سارعي...

كانت تاينا بالكاد تستطيع الجري وهي تلبس الحذاء ذو الكعب العالي فطقطقته وهي تجري جذبت انتباه كل من في المحطة تسارعت الاعين تسابقها ليروا ماذا سيحدث لها؟ هل تستطيع ان تلحق بالقطار؟ هل ينجح صديقها ان يمسك بها بعد ان صعد مع الحقائب قبلها؟ فهو لا زال يصرخ تاينا بالله عليك اسرعي... لم يكن بوسعها اللحاق خاصة ان القطار قد اخرج من منخاريه البخار ونكش السكة بعجلالته مخرجا غضبه دورانها في محلها... بعدها دفع بنفسه ليخض كل الركاب معنفا لهم كثرة الزحام بداخله وكثرة الضجيج الذي يُحدِثونه، لم يكن بأستطاعتها تانيا اللحاق إلا بعد ان رمت عن قدميها حذائها ذو الكعب العالي متأسفة عليه إنه حذائها المفضل... ضحك من رآها تفعل ذلك وضجت منصة القطار في المحطة بالضجيج، البعض اخرج هاتفه ليصور الحادثة لكنها لم تعر الاهتمام لأي منهم حتى بعض العاملين في المحطة دفعهم فضولهم للجري معها و بالقول هيا الحقي به رغم ان هناك غيرها من المسافرين يسابق اللحاق بالقطار حتى الجابي الذي صرخ مرحى لك تاينا لقد نجحت في الصعود بعد ان سمع صديقها ينادي عليها بإسمها... كان الجابي ينظر إليها حين رمت بحذائها وجرت تستصرخ عزيمتها على الركوب... امسك بها بيتر ضمها الى صدره وهو يقول: يا لك من فتاة رائعة لقد كنت كالفراشة المضيئة ايقظت كل الورود حولك وانت تحلقين بفضاء المحطة يا إلهي!!! آه لو شاهدتي منظرك كم هو رائع؟!! ربما سنشاهدك تانيا على بعض محطات اليوتيوب إن نُشِر ما حدث على قناة احدهم.. هيا لا عليك أحسبك احضرت حذاء غيره أليس كذلك؟؟...

تانيا: لا.. ابدا لقد خرجت على عجل ولم أضع في حسباني ما سيحدث فكما تعلم اني احب ذلك لحذاء لقد كان هدية منك في عيد ميلادي بعد ان رأيتني خلسة انظر إليه في واجهة أحدى المحال التجارية الكبيرة... كنت راغبة فيه لكن سعره كان باهضا بالنسبة لي فأكتفيت بالنظر إليه وتمنيت إرتداءه، لن تتصور مدى سعادتي بجلبك إياه لي.. منذ تلك اللحظة شعرت أنه تميمة حظ لي... قد تضحك في داخلك رغم انك اهديتني قلادة من ذهب وخاتم ايضا في مناسبات أُخر لكن ذاك الحذاء كان له ميزة في نفسي، صدقني اني نادمة على تركي إياه ولولا أنك ألححت علي بالركوب لما جريت وتركته... إني اشعر بالامتعاض..

بيتر: لا عليك حبيبتي تانيا سأشتري لك غيره وربما اجمل منه بكثير..

تاينا: الى الآن لم تحسن فهم ما قلته.. إني اتفائل بذلك الحذاء فما لبسته في حاجة او تمنيت امنية وذهبت إلى نيلها إلا كنت مرتديا ذلك الحذاء، سأجن يا بيتر!! أشعر ان شيئا ما ينقصني رغم كثرة الاحذية في خزانتي لكني لا اعرف فداخلي مثبط العزيمة جدا بتركِ إياه، اللعنة على القطار الذي راح يصرخ ويستعجل الركاب أما كان له ان ينتظر قليلا؟؟ ...

بيتر: تاينا حبيبتي صدقيني اشعر بمعاناتك ولعلي ابوح لك لأول مرة اني عن ما اهديتني اول مرة ذلك القلم الموشح بحرفينا يا الله كم كانت سعادتي كبيرة به؟ فعلا كان كما قلتِ تميمة حظ فما عزمت على مناقشة بادرة عمل او كتابة دراسة ما لنيل عقد أو ما شابه حتى كانت من نصيبي وها انا اضمه في باطن روحي كي لا أفارقه... لكن لسوء طالعي وطالعك ان ما كنتِ تتمنيه هو ذلك الحذاء فما خطر في بالي لحظة انه يمكن لأن تميمتك وحسن جلب الحظ لك... أخبريني ماذا يمكنني ان افعله؟ هل تريدين ان انزل في المحطة القادمة واعود؟ لعلي اجده بل انا متأكد بأني سأجده في مكتب الأمانات، فالناس شاهدتك وانت ترمين به عن رجليك كي تلحقي بالقطار، ربما كنت انا السبب في فعلتك لقد استعجلتك ولم اركبك اولا.. سأفعلها واقسم لك بحياتك سأبادر بفعلها فما ان يتوقف القطار في المحطة القادمة حتى ابارح هذا القطار، سأدعك تكملين الرحلة حيت وجهتنا، أعدك سأعود إليك وهو معي اطمئني...

كأن تانيا شعرت بالطمأنية فمحاولة بيتر للعودة والبحث عنه لربما يجده ستكون هي معفاة من اهمالها وهو معفى من استعجالهِ لها... مدت يدها تانيا لتمسك بيدي بيتر وهي تقول له: حبيبي بيتر هذا هو سبب تعلقي بك وتمسكي بك إنك إنسان ورجل رائع بكل المعايير والمقاييس، تعلم رغبتي وما افكر فيه تلحظه وتتصرف على اساسه قبل ان ابوح لك به... ماذا تريد المرأة الهائمة بمن تعشق اكثر من ذلك؟ كن واثقا يا بيتر وعذرا للتشبيه لا المقارنة إنك تميمة الحب لي في هذا العالم الذي احب، اني ارمي بنفسي بين يديها لأحضن كل أمنياتي وأنا اسمع تنهيدة صدرك ونبضات قلبك تداعب حواسِ وانوثتي... إنك بيتر الامنية الاولى والاخيرة في حياتي وتميمة نبع الحب الذي لا ينضب فانت عطري الذي يحيط بي من كل زاوية....

قطع حديثها توقف القطار فقام وهو يقول: تانيا ها هي المحطة سأنزل لأركب القطار العائد الى العاصمة لأجلب لك تميمة حظك التي ترتديها سعيا في طلب امنياتك... نزل وهو يلوح لها ويقول... خذي الحذر تانيا سأراك قريبا

تحرك القطار ببطئ كأنه يلتقط انفاسه بعد رحلة طويلة ومتعبة... جاء قاطع التذاكر ليقوم بواجبه في التفتيش على الركاب وصل إليها قائلا: سيدتي هلا اخرجتي التذكرة لو سمحت...

سارعت تانيا لمد يدها فتذكرت ان حقيبة يدها في المقعد المجاور حيث كان بيتر مالت بجسمها فبانت أنها حافية القدمين فصاح الجابي سيدتي ماهذا؟؟ إنك حافية القدمين لعلك الفتاة التي خلعت حذائها لتلحق بالقطار إنك فعلا فتاة رائعة اسمحلي لي بقول ذلك... الحقيقة راهن الكثير على ردة فعلك وهم يرونك تجرين وتطقطقين بكعبي حذاءك على الارض، فالبعض عول على عدم قدرتك باللحاق لكنك فاجأتي الجميع بفعلتك سيدتي إني احييك ولعلي أبادرك بمفاجأة ايضا تفضلي هذا هو حذائك الذي تركتيه خلفك كنت اجري وراءك حين رميتي به خوف أن تتعثري أو تسقطي فتناولته بعد ان ركبتي، لحقت أنا بالركوب بالقاطرة الاخيرة وقلت لعلي سأجدها حين أمر بالتفتيش على التذاكر وها انا وجدتك تفضلي...

لم تصدق تانيا!!! فرحت بحصولها على الحذاء وبين سعادتها بالحصول عليه شعرت بالغصة بعد ان نزل بيتر من القطار ليذهب للبحث عنه، يا له من مصادفة!! فما ان وجدت تميمة حظها حتى أضاعت تميمة حبها تانيا.

القاص والكاتب

عبد الجبارالحمدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى