محمد إبراهيم الصومالي - لوحة لمتسول

إعمي يتوكأ علي عيدان هشة ، يلبس جلابية بالية ومهترئة لم يبقي منها سوي فتات خيوط.
يسير وكأنه يري الطريق بتلك العيدان وعلي مسافة ليست ببعيدة مرت مجموعة من السيارات توقفت قليلآ عند ذلك الاستوب ومن ثم واصلت مسيرتها وعلي الجانب الآخر من الطريق رصيف للمشاه به صناديق للقمامة اتجه نحوها وكأنه يعرف انها هناك ومال علي احدها وكمن ينظر داخل صندوق ملئ بالمجوهرات . ابتسم ثم ادخل يده لتخرج وبها بقايا خبز مليئة بحبات الرمال الجائعة وفي يده الآخري صندوق حلوي ليس به الا فتات تجمعت علي شكل دائرة وعليها ذبابتان تتنافسان في الهبوط عليها وكأنهما ادركتا انهما خاسرتين اذا استمرتا في التنافس ... هبطتا معآ . ولاحساسه العميق بالقازورات رفع يده ليبعدهما وفي ضجر طارتا . اكل الفتات وكمن يجلس علي مائدة فاخرة في مطعم خمس نجوم ، مسح بيده فمه ومن لفافه كانت معه اخرج شئ اشبه بالكوب فلا هو كوب ولا هو شئ مسمي كثير الثقوب فاتجه به نحو شجرة بها خرطوم مياه فشرب وواصل سيره لصندوق عامر في رصيف لم تقربه الكلاب المتشردة او القطط الضالة .
ووجده علي يمين الطريق فذهب اليه دون اكتراث منه بتلك السيارات المسرعة ، ووجد فيه بقايا فاكهة ، ولكن قبل ان يتم وجبته مرت سيارة بسرعة جنونية قذفت اليه بأطنان من الطمي الذي لطخ كنزه الثمين وبالرغم من إنه لا يري الا انه وبحقد اوصل تلك السيارة بنظرات ملتهبة إلي نهاية الطريق وكأن شئ لم يحدث ... التهم تفاحة مغطاة بالطمي ، ولانه لاتوجد شجرة بها خرطوم مياه اخرج كوبه الثمين واتجه به نحو مياه راكضه وادخله محاولآ الشرب الا ان موجة غاضبة اخذت منه كوبه بما فيه وهكذا ضاع منه اهم شيئين .
وهام بوجهه غضبان ، فوجد شجرتان الاولي وارفة الظلال وضعت تحتها اريكة تتسمع لشخصين بها معلبات يبدو انها سقطت للتوه من متسوق ، ولكنه لايحس الا بالقاذورات دون الأشياء القيمة ، وتحت شجرة اخري يابسة رغم هطول الأمطار وضعت تحتها وسادة من الاشواك لونت بدماء متسولين أعمياء لم يروا المقاعد الوثيرة او الظلال الوارفة .
تمدد عليها باستمتاع ليكمل لوحة لمتسول جائع يائس ... يجلس علي الأشواك كمن يجلس علي وسادة من ريش النعام .
اشواك حمراء بلون دماء من سبقوه من المتسولين ، ونام بعمق حتي وصل للقمة اصبح يحلم وتمني ان ينتهي العالم ليرتاح وراي أنه استعاد بصره ولكنه كان يقف علي هاوية السقوط في بئر علي رصيف ظنه صندوق قمامة وبالرغم من انه في عالم الاحلام الا انه فاقدآ للاحساس بالقاذورات ذات الأبدية .

2002/مارس/ 20

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى