أ. د. عادل الأسطة - الأدب العربي والأدب الإسرائيلي: إلياس خوري: أولاد الغيتو نموذجاً

في صيف العام 1992 ألقيت محاضرة في مقر اتحاد الكتاب في الرام عنوانها "الأديب الفلسطيني والأدب الصهيوني"، وبينت فيها مدى حضور نصوص من الأدب العبري في النص الأدبي الفلسطيني.

وتوقفت أمام أسماء هي: إبراهيم طوقان وغسان كنفاني ومعين بسيسو ومحمود درويش وأفنان القاسم، وفيما بعد سأتوسع في الموضوع لأكتب عن أميل حبيبي وروايته "المتشائل".
كان من بين الحضور في تلك المحاضرة الشاعر عبد اللطيف عقل، وقد ذهل مما سمع، وعقّب قائلاً: لم أكن أعرف أنهم اخترقوا أيضاً نصنا الأدبي إلى هذا الحد.
الأسماء الأدبية المذكورة اطلعت على الأدب العبري من خلال اللغة العربية (درويش وحبيبي) ومن خلال اللغة الإنجليزية (كنفاني وبسيسو) ومن خلال الترجمة إلى العربية (طوقان).
في روايته الأخيرة يشير إلياس خوري إلى أن روايته ما كانت كتابتها ممكنة لولا مراجع عديدة من بينها نصوص من الأدبين الإسرائيلي والفلسطيني، وإشارته هذه تنبه القارئ الدارس إلى ظاهرة التناص مع الأدبين المذكورين.
وما فعله إلياس فعله بطله آدم، إذ إنه ذكر أيضاً أنه درس الأدب العبري [مرة يذكر أنه درسه في جامعة تل أبيب (ص42)، وثانية في جامعة حيفا ص103] وعليه "حفظت شعر بياليك، وقرأت روايات يزهار، وسحرني آغنون، وأدهشني بنيامين تموز...." (ص125)، ولا يكتفي آدم بهذا، إذ إنه لاحقاً يفصل ويتوسع ويأتي على أفكار خاصة بالأدب العبري وحده، مثل فكرة قتل الأب ابنه "ولم أعثر على هذه العقدة إلاّ في الأدب الإسرائيلي اليهودي المعاصر الذي يركز على فكرة التضحية بالابن" (ص163)، بل إنه ـ أي آدم ـ يستشهد بنصوص من الأدب العبري، ولا يكتفي بهذا، بل إنه يصدر أحكاماً قيّمة حولها، وهو ما يبدو حين أتى على رواية يزهار سيملانسكي "الأسير":
"اعتقدت، ولا أزال عند اعتقادي رغم مرور السنوات بأن رواية يزهار عمل أدبي رائع" (ص203)، [في مكان آخر من الرواية يشير آدم إلى الترجمة العربية لرواية يزهار ونشرها في 70 ق20 في مجلة شؤون فلسطينية، ويركز على فكرة أن الفلسطينيين صاروا يهود اليهود، ويرى أن صورة الفلسطيني في إحدى روايات يزهار عن حرب 1948، وهي صورة الفلسطيني الأخرس أصبحت "أحد ثوابت الأدب الإسرائيلي" ص260].
وليس يزهار. س هو الأديب العبري الوحيد الذي يذكره آدم/ إلياس، بالاسم. فعدا ذكر أسماء المؤرخين الجدد، ومنهم ايلان بابيه، يأتي على إحدى روايات عاموس عوز وهي "ميخائيلي"، فحين يصغي آدم إلى مراد العلمي يحدثه عن مجازر اللد في تموز 1948، يأتي على اثنين هما نبيل وكميل، وهما توأمان هربا من مدينة القدس إلى اللد، خوفاً من تعقُّب عصابات صهيونية لهما بحجة أنهما حاولا اغتصاب فتاة يهودية.
قصة التوأمين المقدسيين تذكر آدم/ إلياس/ مراد العلمي برواية عاموس عوز والتوأمين عزيز وخليل فيها:
"لم أصدق هذه الحكاية إلى أن قرأت رواية عاموس عوز (ميخائيلي) التي تروي حكاية حنة غونين وتهويماتها حول الولدين الفلسطينيين. هل يعقل أن تكون الحكاية صحيحة، وأن الروائي الإسرائيلي قام بتغيير اسمي التوأمين الفلسطينيين من نبيل وكميل إلى خليل وعزيز؟" (ص395).
طبعاً عدا الروايات يأتي آدم/ إلياس على فيلم (شواه) [ص408] الذي ترك أثراً كبيراً فيه، وألجأه إلى عقد مقارنة بين ما شاهده في الفيلم وما سمعه عن حرق الجثث في اللد في 18 تموز 1948.
ما سبق من كتابة عن نصوص يزهار وعوز يمكن اعتباره نصاً حاضراً، ولكن هل كانت هذه النصوص التي ورد ذكرها هي النصوص الوحيدة من الأدب العبري الحاضرة في رواية إلياس؟
حين غادر آدم ـ المؤلف الضمني للرواية ـ اللد وأقام في حيفا مع أمه وزوجها عبد الله الأشهل، قرر أن يترك البيت لأنه لم ينسجم مع زوج أمه، وهكذا وجد نفسه يبحث عن عمل وسكن، ووجدهما في كراج (غابرييل)، وسيحب آدم ابنة صاحب الكراج و.. و.. .
قصة آدم السابقة تذكر قارئ الأدب العبري برواية (أ. ب. يهوشع) "العاشق" التي ترجمها المرحوم محمد حمزة غنايم إلى العربية في (1984). إن نعيم العربي في الرواية يعمل في كراج يهودي هو آدم ـ يا لتشابه الأسماء ـ ويحب ابنة صاحب الكراج و... و... ويعد نص "العاشق" فيما أرى، نصاً ذا حضور في رواية إلياس رغم أنه لم يأتِ على ذكر الرواية، والموضوع يطول.

عادل الأسطة
2016-04-10


الايام المصورة








.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى