محمد محمود غدية - ماسح الأحذية

لم تستطع جاذبية الأرض على الإمساك به، وهو يطير من الفرح، لحظة أن أمسك بخطاب تعيينه، فى إحدى المصالح الحكومية، لابد له من بدلة جديدة، تذكر إبن عمه عريس جديد، لن يتأخر فى إعارته بدلة الفرح، التى سيحافظ عليها، إرتدى البدلة بين دعوات والدته وإخوته،الذين فرحوا بوجاهته فى البدلة، فالإنسان ثلاثة، أنت كما ترى نفسك، وأنت كما تحب أن تكون، وأنت كما يراك الآخرين،
الطبيعة الخلابة، تدعوه لمراقصتها، يدور معها ويغنى، سيأخذ أول قطار صباح الغد، لابد من وصوله فى الموعد المحدد، كما هو موضح بخطاب التعيين، إرتدى حذاء شقيقه الذى لم يبلى بعد، واسع بعض الشىء، لا يهم حتى لو دار بداخله، فى القطار إبتسم للحسناء الجالسة أمامه، لابد وأنها معجبة بأناقته المفرطة، مزهوا ببدلة العرس التى لا يملكها، إستسلم لنعاس خفيف، رأى نفسه، وهو يتقدم لأسرة حبيبته، بعد تسلمه الوظيفة، طالبا خطبتها، سيرحبون به، وبوظيفته المضمونة، المهم أن يتزوجها،
من ثانوى وهو يحبها، أيقظه مفتش القطار، بعد وصول القطار إلى آخر محطات الوصول، مازال لديه ثلاثة ساعات على تسلمه الوظيفة، سيسد جوعه بساندوتش، ويشرب الشاى فى إحدى المقاهى،
- فى المقهى خلع حذائه الذى علق به التراب، وأعطاه لماسح الأحذية،
بعد أن أوصاه بلمعة براقة ليبدو كالجديد، مطمئنا لبعض الرواد الذين أعطوه أحذيتهم لمسحها خارج المقهى، ساعة تبتلع ساعة أخرى،
ولم يعد ماسح الأحذية، الوقت يمر فوق عتبات القلق والخوف من ضياع الوظيفة، بحث طويلا عن ماسح الأحذية، أخبره نادل المقهى أنه فر هاربا، من مطاردة شرطة المرافق، ومعه الأحذية .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى