منصف سلطاني - شوق بلا حدود

...لا.أدري كم هي كثافة الشوق..التي تجتاحني في هذا الصباح..وفي كل صباح.. في حنين جارف ..إلى أمي ..أعرف أنها الآن تستقبل الحياة ..بكل عزم ..ودون تهاون..هي إمرأة ..تفيض حبا ..وتزداد روعة في تلك البساطة..والعفوية..مليئة بحب الآخرين ..كأنها لم تكره الناس قط..كانت من شقائها ..الذي لا ينتهي تصنع لنا الحياة ..ولا تنثني أبدا..رغم تقدمها في السن أن تمنح والدي ..العنيد ..كبرياءه..ولا تسمح ..أن تخدش رجولته..مازالت..تذود علينا ..ولا تتخلف على الإحاطة بنا..كما لو كنا صغارا..و لا تهنأ..حتى تعدّلنا الطعام..ولا تعجبها حفاوة زوجاتنا بنا..ولا تطمئن لهن..ربما لأن منسوب المحبة..بينها وبينهن..متفاوت..تراها كلما هللت عليها بصخب أبنائي تنهض مسرعة من بين ركام السنين تتحامل على أوجاع ركبتيها تستقبلنا بفرح.. تقبل أطفالي وهم يتسابقون على أداء واجب التحية ودائما ما تسبق والدي في أداء واجب الاستقبال.. وسرعان ما تعود إلى خلوتها تفتش في أمتعتها عما أخفته لأطفالي من قطع الحلوى وأشياء أخرى فتراهم يتسابقون ويتخاصمون..للظفر بأكثر نصيب من عطاياها فيعييها خصامهم وعدم أمتثالهم لأوامرها ولكنها كثيرا ماتسعد لذلك فلا تنهرهم ولا تنزعج.. بل تظل تلاحقهم بخطى بطيئة ومتثاقلة لتحرسهم من أي أذى قد يلحق بهم هي لا تنقطع عن التفكير فينا..ولا ينضب..معين عطفها ...أبدا ..دادا كما تعودنا أن نناديها إمرأة بحجم كل الأوطان نأوي إلى دفئها كلما ضاقت بنا السبل ونستظل بشموخها..من قهر السنين ونهتدي بما رسمت على وجهها من وشم بربري.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى