حاتم السيد مصيلحي - المكالمة الأخيــرة

كان معها على موعد، متى؟ لا يدري، ولكنه ينتظره في أي وقت شاءت، يضبط عقارب ساعته وفق دقات قلبه المتسارعة، يستعجلها حينا ملتمسا لها الأعذار، ويستمهلها حينا آخر حتى لا يستحوذ عليها الإجهاد، أو يعرقل سيرها أو يعطله البعاد، يمسك هاتفه بكفه الأيمن يقلب فيه باحثا عن رقمها، أو متسليا بمحادثاتها التى دارت بينهما في سالف الأيام، فيعاود قراءتها فيستعذبها، يضحك من بعضها، ويأسف لبعضها الآخر، قائلا: كيف هُنت عليها؟!
أما كان بيننا حبا شهدت عليه السماء؟ وودا تحدثت به الأعين، وصدقت عليه الأيام؟!
فما بالها لا تتذكر، أم تتعمد النسيان؟

رن هاتفه، فتهللت أساريره حين وجدها هي هي، فهش وبش متجاوزا ما به من انكسار، مجيبا في لهفة، ولكنها لهفة المستجير من الرمضاء بالنار ، حيث استهلت محادثتها باللوم والعتاب، قائلة: كيف تشكو حقك المسلوب؟ ألم يكفك ما قضيناه معك من أيام وأعوام؟! لم نر لك فيها برا ولا ودادا ؟! حاول أن يذكرها بأيام قد خلت رأت منه حلو الوداد، ولكنها أنكرتها في بغض واستخفاف قائلة:

لا تنتظر مني لقاء، وددت لو نقضنا مابيننا من عقد وعهد وميثاق، وقد ناصبته العداء.

فأصابه الوجوم برهة، ولم يحرر جوابا سوى قوله: ” وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان “؟ وأين أنت من كلام رب العباد؟ وما وصى به النبي عليه السلام؟ لا تجعلي للشيطان بابا، فيضحك منا كل شامت، ويفرح فينا كل حاقد!! ولكنها لم تعيره اهتماما.. فشكرها شكر المنكسر المستاء، فهل ترجع إلى رشدها؟! فيكون اللقاء؟!

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى