د. محمد سعيد شحاتة - يقين...

أدركُ معنى أن تكتب في عمق الليل إليّ
أن تأتي مشطورًا نصفين
نصفٌ يبحث بين أخاديد العمر
عن اللحن المازال يراود قلبا مسكونا بالأوهام
نصفٌ يبحث بين عيوني عن أشرعةٍ
وضفافٍ تؤويه
ليعود صبيًّا يرسم سهمًا
وقلوبًا فوق الجدران
وفوق جذوع الأشجار
يراودُ في الليل الأحلام
*
أدركُ معنى أن تكتب في عمق الليل إليّ
ليضمّكَ صدري
فترى كل تضاريس العمر ينابيع تسيل
سهولا تمتدُّ
مَدىً مصقولا
ومُدىً في الظهر
وألحانا حيرى
وضلوعًا تنزف أوجاعا
وتميلُ على صدري كالمذبوحِ
ألملمُ بعضَ بقاياكَ
أحوقلُ
أشهقُ
ينسابُ العمرُ
تُدثِّرُ أشلاءكَ عيناي
تميلُ على صدري
أمسحُ من قلبك دمعًا وضياعا
*
أدركُ أنك مسكونٌ بحبيبٍ غادر منذ سنين
وأومأ للريح لتقتلع الأشجار من الوديان
تخطُّ أخاديدَ على الأضلعِ
تسكنُ قلعتكَ المأهولة بالغربةِ
والألحان الحيرى
أدركُ أنك مطرودٌ من جنتكَ الأولى
شيطانُكَ أغراكَ فقلتَ الشعرَ
فصرتَ المنبوذَ بلا ذنبٍ
جُبْتَ الصحراءَ
وصاحبتَ الذئبَ
فلم يَخُن العهدَ كمن كانوا بشرا
جئتَ تفتِّشُ عن جنتكَ الأخرى
بين عيونٍ آوتكَ فصرتَ حبيبًا
ونسجتَ ضفافًا من أهدابِ الزهرِ
نثرتَ اللؤلؤ في ودياني
ونسيتَ الذكرى
*
هل تدركُ أني أدركُ معنى أن تكتب في عمق الليل إليّ؟
أشلاؤكَ
ذكراكَ
نزيفُ القلبِ
بقايا الأحلام
وأوهامُكَ حين تجول بأوديتي
وتراودُ عينيّ
أنا تلك المأهولةُ بالأحلام فلا نفقٌ يُظلمُ
أو عمرٌ يتسرَّبُ بين شقوق الروح
وتغمرني في الليل الأوهام
أدرك حين تجوبُ ضفافي تبحثُ عن مأوى
أنك تسكنُ روحي
ترتجفُ الأهدابُ وتندى كالزهر الوجنات
لكني لم أدركْ بعدُ بأني صرتُ لقلبكَ مأوى
ولعينيكَ ضفافا وسواحلْ
لم أدركْ بعدُ بأن تضاريسَ عيوني مسكنُكَ الأبهى
مصباحُكَ حين تجوبُ الأطلالَ
وتبحثُ بين أخاديدِكَ عن خيلٍ في الليلِ رواحلْ
*
سنواتُ العمرِ القابعِ بين جفونِكَ
تنسجُ أنسجةَ الروح
تضيئُكَ في عينيَّ
وتعبرُ نحو ضفافي تبحثُ عن مأوى
كنتَ المسكونَ بتاريخ القريةِ حين تنامُ بحضنِ النهر
ونسوتُها في الليل يفتِّشن زوايا البيت
مرايا الحجرة
أحجارَ الحائطِ
عن أنفاسٍ كانت تسكنُ أضلاعا وقلوبا
صارت تعشقها الغربةُ
والألحانُ الحيرى
كنتَ المسكونَ بأحلام المقهورين
وأوهام العشَّاق على الأعرافِ
أطالوا في الليل الشكوى
في الليل تلملمُ دمْعَ النُّسَّاكِ
ومن جابوا الطرقاتِ بلا مأوى
من كانوا حطبًا لرغائبِ صيَّادي الأحلامِ
وقُوَّادِ الأفكارِ
وقودًا لصراعاتِ التاريخِ
وأشلاء الذكرى
شيطانُكَ أغراكَ فقلتَ الشعرَ
فصرتَ المنبوذَ بلا ذنبٍ
جُبْتَ الصحراءَ
وصاحبتَ الذئبَ
فلم يَخُن العهدَ كمن كانوا بشرا
جئتَ تفتِّشُ عن جنتكَ الأخرى
*
أدركُ حين تجوبُ الليلَ تفتِّشُ عن عينيَّ
بأنك مشطورٌ نصفين
نصفٌ يبحثُ بين أخاديدِ العمر
عن اللحن المازال يراودُ قلبا مسكونا بالأوهام
نصفٌ يبحثُ بين عيوني عن أشرعةٍ
وضفافٍ تؤويه
ليعودَ صبيًّا يرسمُ سهمًا
وقلوبًا فوق الجدران
وفوق جذوع الأشجار
يراودُ في الليل الأحلام
جئتَ تفتِّشُ عن جنتكَ الأخرى
بين عيونٍ آوتكَ فصرتَ حبيبًا
ونسجتَ ضفافًا من أهدابِ الزهر
نثرتَ اللؤلؤ في ودياني
ونسيتَ الذكرى

__________________________
ديوان: أن تحبّ جميلة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى