سعيدة عفيف - تكرارٌ آخر..

في ما تسرّب من كُبَّة الخيطِ،
كنت أنفُخُ في غفوة الجمرِ
صحوةً تلو أخرى..
وأُفلِتُ أيائلي ممسوسة بالعدْو ليلَ نهارْ
لم تكن تنظرُ إلى المسافات،
همُّها أن تستحمَّ في نهر لغةٍ
تمتهن التعرّي لتسطو بالغواية
على ما تبقّى
من وقت..
كان الخيط دوما يتمطط
وكانت اللذَّةُ فوّارة
تسلكُ بي سبُل الحجّ
إلى فاكهة الكلام المقدّس
تفورُ وأفورُ
ونفيض عن حدود الرؤية والطوق
كنتُ أشتمُّ عمق الغابات وأصغي إلى ثرثرة السنابل..
فأكبرُ.. وأكبرْ
وفي ما تسرَّب من الكبَّةِ،
كنت شجرةً عالية عند الضفة
لا تقبل أن تميل أغصانها
كلّ مرة
عَفوَ مزاج الخاطر ورقص الريح..
كنتُ في الواقع منارةً لسُكّان الحلم
والحكايات..
كنتُ في ما كنتُ
تستغرقني متعةُ التقشيرِ
ألامس حبّات الجوز
فيزهر اللبّ في عين الشغف..
لا آبه للكسور طفيفة كانت
أو متفاوتة الخطورة
أو مؤدية إلى الموت..
والآن..! أيها السكّان الأوفياء،
تسرّب الخيط كلُّه
نسيتُ شكل الكُبّة القديم
ولونَ تطريز اللهفة
وكيف كانت تعدو الأيائل
وتفورُ المتعُ
وكيف تُقَشَّرُ فاكهة الكلام
قبل الذهاب في طقطقة الاحتراق الشهيّ
وَصرتُ أتحاشى
كلَّ سفر في ثقوب الذاكرة
وكلّ عبورٍ للنهر
ما دامت الضفة الأخرى
حكايةَ كُبَّةٍ أخرى
وخيطٍ متسرِّب آخرَ
وتكرار مُملٍّ آخر
وآخرَ..
وآخرْ...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى