نادر ناشد - أحمد هاشم الشريف

عكازك أصبح بيد الوطن.!
«نوار» شيخ المجددين التشكيليين
أهل الهوى يا ليل!
حلمى التونى

عرفته منذ ما يقرب من أربعين عاما، كنت ادرس وقتها فى كلية الهندسة قسم العمارة، وكنت أنشر قصائدى الشعرية فى صفحة (قال الشاعر) بمجلة صباح الخير، كان يحررها أستاذى الشاعر فؤاد حداد. ولكنى كنت أقوم بجولات صحفية وكان الكاتب الروائى أحمد هاشم الشريف، يتابع هذه التحقيقات الصحفية ويراجعها كان وقتها كاتبًا صحفيًا لامعًا فى صباح الخير.. كان لا يبخل علىّ بإرشاداته ونصائحه. وبعد ان وصلت الموضوعات إلى رقم ثلاثين موضوعا.. نصحنى ان أقدمها إلى الأستاذ لويس جريس رئيس تحرير مجلة صباح الخير.. وقال مندهشا: أنا قلت لك انها موضوعات صحفية متكاملة. ودخلت لرئيس التحرير وبدأت رحلتى معه.

أحمد هاشم الشريف بدأ رحلته الأدبية فى نهاية سنوات الستينيات من القرن الماضى، حيث الأزدهار الأدبى، فقد نشر أعماله فى مجلات الهلال والمجلة وكان ميلاده الأدبى الحقيقى -كما قال هو- يوم اختار أعماله الدكتور لويس عوض لنشرها بالملحق الأدبى لجريدة الأهرام.. ونشر بانتظام رواياته وقصصة فى مجلة صباح الخير التى كان يعمل فيها، وكانت صباح الخير وقتها مجلة يمكن تقييمها بالمجلة الادبية نشر الشريف أهم أعماله فيها مثل رواية (بيوت الاقزام) بمصاحبة رسومات الفنان العالمى جورج البهجورى، وكان لها أبعد الأصداء، فقد اعتبرها النقاد شكلاً جديرًا بالدراسة، ثم أغوته القصة القصيرة فكان يكتب أسبوعيا تحت عنوان حكاية ومن خلالها عرفه جمهوره أكثر.. كتب الشريف أيضًا كتب (قبل يوم القيامة) و(نجيب محفوظ.. محاورات قبل نوبل) أما كتاب (لغة القلب) فهو مجموعة مقالات عبارة عن ردود لمشاكل القراء كان ينشرها أسبوعيا فى باب يحمل نفس الاسم، ولكن هذه المقالات اتسمت بتحليل نفسى عميق ورؤية شاعرية.

ومن أهم مجموعاته القصصية (وجه المدينة) وترجمت كثير من ابداعاته إلى اللغات الانجليزية والفرنسية والروسية مثل قصة (السد) ونشرتها جريدة (انفستيا) الروسية.. أحمد هاشم الشريف كتلة من الحب والضمير الأدبى والعطاء.. تعلمت منه قيما انسانية أكثر من المفاهيم الادبية.. تألمت كثيرًا معه أثناء تجربة قاسية مؤلمة.. شاء الله ان يمر بها؛ وهى وفاة ابنه أحمد.. دمر هذا الحدث كيانه وكسره تماما.. كان يقول لى ان أول شرخ فى حياته كان فى الخامس من يونيو ١٩٦٧ حيث الهزيمة الفارقة التى تركتنا غرباء وسط ظلام ممتد.. أما الانكسار الثانى فكان ليلة وفاة ابنه أحمد.

وإن كان الوطن حاول أن يتجاوز أزمة ١٩٦٧.. إلا أن أحمد هاشم الشريف.. لم يتجاوز أزمة رحيل ابنه وظل منكسرًا حتى تفتت فى غروب الثانى والعشرين من يناير الماضى.. تفتت مثل تمثال من الرمل!


نادر ناشد
أعلى