محمد الرياني - دهشة..

لم يكن يعلم أنها هناك ، تلعثمَ وتعثرتْ خطاه ، اقتربتْ منه أكثر، غرقَ جسدُه في جوٍّ بارد، رأى الكلماتِ بعيون ملونة وأكثر الأحيان داكنة، مرةً يرى التفاؤلَ بقميصٍ وردي غيرَ أن النصفَ الآخرَ من الرؤيةِ اتجهَ إلى العتمةِ والظلمةِ ولايزال الغرقُ يحيط به، يأتيه أملٌ عندما تَمْثلُ أمامَه وردةٌ جميلةٌ في ثنايا الحديث، يلتفتُ إليها بجواره ليرى خاتمَها الذهبيَّ يلمعُ في المكان مثلَ لونِ إصبعها تمامًا، تستفزُّه برمشِ عينها حتى يكاد يقع ، ينظرُ إلى الأرضِ التي تنتظرُه لحظةَ السقوط؛ غير أنَّ الحروفَ تتبدلُ مثلَ آنيةٍ سحريةٍ ملونةِ الأزهارِ تعيدُ له توازنه، مضى الوقتُ وهي تشير إليه أن يكملَ حديثَه الذي يشبهُ حديثَ النائمِ وسطِ حلمٍ متشابك، أومأتْ إليه بأن يستمرَّ وهي تكتبُ في الفراغِ بإصبعها وكأنها تطلبُ منه بأن لا يتوقف، لم يستمع إليها، رمى أوراقَه بجانبه فتناثرتْ في المكان، خرجَ من البابِ يترنحُ يريدُ أقربَ مخرجٍ حتى لايرى شيئًا من تفاصيل السهرة، لم تكن الليلةُ ليلتَه في نظره ، اصطدمَ بعتبةِ الباب، حدثَ له شجٌّ فوقَ حاجبِه تمامًا يقتربُ كثيرًا من عينِه التي رأتِ الألوانَ القاتمةَ والبهية، التفتَ إليها وهو يتحسسُ موضعَ الألم، أخرجَ من جيبِه منديلًا معطرًا فمسحَ به مكانَ الجرح ، غادرَ المكانَ وهو يتوجعُ ولايزالُ عرقُه يتشبثُ بملابسه ، سأل نفسَه عن سببِ مجيئها في هذا المكان فلم يجد جوابا ، لحقتْ به في الخارجِ لتُناولَه الأوراقَ التي تركَها عنوة، ابتسمَ لها وشكرَها لأنها كانتْ نجمَ الحفلةِ على الرغمُ من الألمِ والحروفِ التي وُلدَت أشبهَ بأوراقَ قديمةٍ تلعبُ بها العواصف، رفعتْ أصابعَها الذهبيةَ كاملةً هذه المرَّةَ لتودعَه وسطَ العتمة، انزوى عن المكانِ ولاتزالُ الدهشةُ تسكنُه وسطَ العَرَق

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى