صديقة علي - سطح بيتنا

قربه لروحي جعلني مستسلما لنصائحه قانعا بها ،أقنعني بأن أترك الجامعة ،والتحق بخدمة العلم ،ثم أعود لاستكمال تعليمي ،وهذا سيسهل علي خطوبة من أحب، وفق ما أرتآه صديقي .والذي شجعني أكثر لاتخاذ هذا القرار أصرار حبيبتي :(سنتان يا حبيبي وتمران كرفة عين أنهي بهما دراستي الجامعية ،وتنهي أنت بهما خدمتك الالزامية، وتزيل أي عائق يقف بوجه خطوبتنا ).
وهكذا وجدت نفسي بخيمة وبين رجال لا أعرفهم ،أصبحوا فيما بعد أقرب إلي من وريدي .تاركا ورائي قصة عشقي وبيتا كنت أهيم بمراقبته ،من فوق سطح بيتنا ، وصديق عمري ،ورفض أمي لقراري، ودموع أبي وقريتي التي عشت بها أجمل شعور يحلم به شاب بعمري .
بدأت أعد الأيام الباقية للتسريح منذ اليوم الأول لالتحاقي بالجيش ولم أكمل التسعين يوما حتى نسيت العد وبدأت الحرب ...لم يعد للأيام أسماء ولا أعداد أصبحت الشهور والسنون متشابهة ....وحبيبتي تنتظر أو هكذا توهمت . في هدأة نادرة من معارك لا تنتهي استطعت اخيرا الفوز بإجازة ...عدت الى الضيعة التي أحب ،والعشيقة التي يكويني الشوق لها ،و الى كل ما ينتظرني ، وأهمهم حضن أمي، وضمة أبي القوية ،ودهشة الفرح في عيون أخوتي ....عند المساء علت زغاريد قادمة من بعيد ملأ صداها قلبي فزاد نبضي ،هذا الشعور خبرته من قبل ،الاستشعار بالخطر .صعدت بسلاحي الى السطح ، ....لكن همسات أخواتي ،ونظرات الشفقة من عيني أمي،فهمت منها أنني كنت مغفلا ،......تحولت الزغاريد إلى حبال تلتف حول عنقي من حولي ...أخذ السطح يتحول الى أرجوحة تدفعني إحدى النساء وتقهقه ثم تردني أخرى اليها وتتطاول الألسنة المضيئة في ليل بهيم والأصوات تخنقني ....
عندها تملكتني رغبة أن أطلق النار، ..بأي اتجاه كان ،...باتجاه السماء التي لم تحمل أشواقي اليها ،أم باتجاه قلبي الذي لم يبق به متسعا للطعن ،ولا مكان لرصاصة ، أم صوب بيتها ،أقتلها وأقتله ،هو غدر بي ، اذا لما لا أقتله ؟..كان الظلام دامسا شعرت بنظرات أبي تخترق عيني ، تتسلل الى رأسي، تفضح ما يدور به، يده القوية تهزني بعنف
(أنت رجل محارب ...انتبه المعارك التافهة تضيع الجهد والهدف .
وهكذا حملت حقيبتي وعتادي، وعدت ليلا يرافقني صوت أمي متوسلا البقاء ،ويوافقني صمت أبي .
والى الآن، أراقب بيت من كانت حبيبتي، وأرى دموع الندم على خديها مدرارا ، لكن المراقبة هذه المرة من السماء وليس من سطح بيتنا الحزين .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى