صديقة علي - السُلّم

وكيف أتوه عن عينيها وأنا الذي أرسلت لهما آلاف الرسائل، لتشهد طاولة الاجتماعات على ضجيج نظراتنا، التي كانت تضفي على كل صباح رونقا خاصا، لكنني لسبب ما تخاذلت؛ فأضعتها في زحمة طموحاتي، وارتبطت بمن تصعدني السلّم الوظيفي .
تدفق الماء أزعجني، وقد هدني تعب السفر،فرحت أبحث عن موطئ جاف لخطواتي ،وفي خضم غضبي وما أن هممت لأنفثه في وجهها؛ حتى أخرسني وصعقني ما رأيت.
-أنتِ؟!
ما توقعت أبدا رؤيتها هنا وقد تلثمت وأبقت على عينيها الحزينتين ، الهاربتين من فضولي،
آخر لقاء لنا كانت تضع أمامي ملف التقاعد”لم يبق سوى توقيعك يا أستاذ”، وبصمت متكبر وضعت امضائي المرتبك ومضت وكأننا غريبان.
ذات أعتذار كانت صلبة وقاسية عكس ما توقعت :
-لا تعتذر فلكل منا خياراته في الحياة وسيدفع ثمنها.
كنت قد جمّعت ثروة هائلة من مناصبي المتصاعدة، و أمضيت عمري بقلق الحساب، الذي لم يأت إلا من نظراتها اللائمة.
تجاوزتها بعدة درجات، وألتفت إليها وقد التصقتْ بشدة بزاوية الدرج.
-لماذا؟
أماطت اللثام عن وجهها “لا زالت جميلة وشامخة “هزت رأسها وهمست: الحياة قاسية جدا يا أستاذ… أرجو أن لاتصرح باسمي لعائلتك …لقد أخبرت أولادي بأنني عثرت على وظيفة محترمة في روضة للأطفال،
وعادت بثقة وبهمة عالية تنظف الدرج من الأعلى؛ لتزيل آثار قدمي ،وأنا أتعثر بخطواتي نزولا نحو الأعلى.

صديقة علي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى