محمد محمود غدية - إيقاعات

أتعبته الحياة وحملته جراحات عميقة وهزائم، حتى أنه لم يعد بالقلب متسع لأحزان آخرى، عن سؤال الأصدقاء المتكرر والذى ألفه، فى عدم زواجه وهو الأربعيني الميسور والمأسور بعشق النساء ؟ يجيب أن الحب يرقق الحنين فى الأرواح ويجلي الحواس، أشبه بالأقمار والنجوم التى يتطلع إليها المرء، الزواج هو الحفرة التى يقع فيها المحب وهو ينظر القمر، لا يتوقف
عن الإبحار فى عالم الأساطير القديمة،
أثناء نوبة عمله بالمستشفى العام، إستقبل إمرأة ينتابها الإعياء، تبدو كالآلهة القدامى يافعة وباسقة، تفتحت كل أغصانها بأوراق يانعة، عيناها واسعتان يحار المرء فى تحديد لونهما، يتساءل مدهوشا من آى عالم أتت، وآى آلهة أرسلتها إلى هنا ؟!
إمتثلت للشفاء بعد جرعة الدواء التى أعطاها لها الطبيب، مأسورا بحلو حديثها، إستطاعت أن تقيم بداخله معبدا للجمال الداخل إليه لابد أن يكون حافي القدمين هامس الصوت،
عليه أن يستمسك بتلك اللحظة الفارقة، يكبرها بخمس سنوات، أخبرته أنها أستاذة مساعدة فى كلية نظرية لم تتزوج بعد، طلب هاتفها للتوصية بصديق له
بعد أن راقت له، علما أنه
لا توصية ولا صديق لديه، شكرته على عنايته وغادرت،
ظلت حاضرة بابتسامتها
التى تحولت لآلاف الفراشات الملونة والمحلقة حوله،
هاتف المرأة الإستثناء التى إختصرت كل النساء فى واحدة، إننا مع القضاء والقدر فى ثلاث، حين نولد ونحب ونموت، أجمل الحب هو ذلك الذى نعثر عليه فجأة، توافقا وتحابا ووقع معها
عقدا للزواج غير مشروط، مازال لديه الكثير ليستمتع بكل مابقى من زيت فى سراج حياته قبل الإنطفاء .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى