أحماد بوتالوحت - فُرَص النَّجاة

كُلّ الحِكايات كَتَبتْ لِّلسَّجين نَفْس النِّهايَة المُفْجِعة :تُحْمَل رَأْس الفَتى مَذْبوحَة إلى مَائِدة السُّلْطان
بَعْض الحِكايات رَأَت أن تَسْمو بِالهَدِية فَقَدَّمت الرَّأْس مُضَرَّجة بِالْحِقْد على طَبَق مِن ذَهَب
تَمَلَّى الْقَيْصَر بِعَجْرَفة ، الشَّعْر الأَشْقَر المَشوب بِحُمْرة طَازَجَة فَرَأى كَم هُو غَضّ وَوَسِيم وَجْه المَقْتول
عَلى مَائِدة عيد ميلاد الأَمْبراطُور ذاك ، كانَت الرَّأْس مَثَار سُخْرٍيَة ، رَأْسٌ أُفْرِغَت لِتَوِّها مِن الحَياة
وَالرُّوح لَمَّ تَصِل بَعْد إِلَى العالَم السُّفْلي ، فَهِي كَما تزْعُم بَعْض الأَساطِير ، عَلى رِسْلِها تَمْشي
كَان مُمْكِناً أَن ينْجو السَّجِين وَ أن يُقَيّد لَه المَشْي في الأسْواق وَأَكْل الأَكارِع مَواصِلاً تَبْشِيره
حَامِلاً رَأْسَه بَيْن كَتِفَيْه النَّحيلَتين ، وفي صَدْر مِعْطَفه نَفَسَه ، لم يدُسْ عَليْه مِنْجَل الحَصاد الفِضِّي
فَيَكون قَتْلُه مُؤَجّلاً ، مُتيحاً له حَياة أُخْرى خارِج الزَّنْزانَة كَبَطَل رِوايَة يَنْتَهي سَعِيدا بَيْن السَّطور
كَالَّذي أَلْهَمَه المَلَاك رُؤَى القَدِّيسين فَأوَّل كَوابِيس الْمَلِك وَتَبوَّأ مَخازِن المَمْلَكة ، كَما جَاء في الصُّحُف القَديمَة .
أوْكالرَّاوِية " شَهْرَزاد " تَسْتَنْجد بالصَّبَاح ،واعِدَة سَيْف" شَهْرَيار" بِحِكايَة ساحِرة تُؤرْجِىء حَتْفَها إِلى حِين ،
لِيُدْرِك المَلِك المَخْدُوع أنَّه لَيْس الوَحيد الّذي طَالَتْه و أذَلَّتْه خِيَانَات النَّسَاء .
فَإِذا كَانَت فُرص العِقاب بِالمَوْت مُتَعَدِّدَة فَفُرَص النَّجَاة مِنْه مَتَعَدِّدَة كذلك ، غيْر أنّ الرُّواة المَهْوُوسين بِالنِّهايات المُفْجِعة لَا يَهْنَؤون حَتَّى يُمرِّغُوا سُطور الرِّوايَات بِالدِّمَاء
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أحماد بوتالوحت

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى