مصطفى الحاج حسين

من نافذة اختناقها تطلّ على الزّقاق الضّيق ، بشغفٍ جنوني ، تتلقفُ تلهفه ، قلبها الغضّ يخفقُ بصخبٍ ، ولعينيهِ المتوسّلتينِ تطيّر إبتسامة من دمعٍ . لكنّ وجه ابن عمّها المقيت ، يبرز فجأة أمام غبطتها ، فتجفلُ وتصفعها حقيقة خطبته لها ، ترمق خاتمها الذي يشنق أحلامها بإزدراء ، ترتدُّ نحو انكسارها ،...
سلامٌ على وطنٍ كانَ لي على قبرِ أبي البعيد وعلى دعاءِ أمّي الوفير ومدارسِ أولادي وبيتي الذي أستأجرتُهُ بحضنِ الضّوضاء والفوضى والتّزاحمُ عندَ الأفرانِ من أجلِ رائحةِ الرّغيفِ السّاخنِ سلامٌ على النّسمةِ والوردةِ والفراشاتِ الملوَّنةِ وعلى العصافيرِ التي تُعَلِّمُ أطفالَنا الطّيرانَ وأشجارِ...
لا أستطيعُ الخروجَ منكِ فأنا ساكنٌ اسمكِ أنفاسُكِ تمرُّ على قلبي لأنقّيَ الهواءَ من الترهّلِ وأضيفَ لكِ جرعةً من الياسمينِ أفتّشُ جيوبَ الضّوءِ قبلَ أن تُنيري له طريقَهُ أخافُ عليكِ من شحوبِهِ وقبلَ أن يدخلَ الليلُ غُرفَتَكِ عليَّ أن أستوضحَ ملامحَهُ قَدْ يحملُ لكِ فيروسَ القلقِ وأستحلفُ سريرَكِ...
أحتاجُ لوقتٍ لأرتّبَ تشرُّدي واضمّدَ سماءَ الفجيعةِ السّوداءِ أتلمّسُ أطرافَ الهزيمةِ أتامَّلُ تقيُّحَ الرّوحِ وثقوبَها !!! وأدنو برفقٍ من قلبي كي لا أوقظَهُ عن نزيفِهِ وشرودِهِ كانَ لي وطنٌ تمشّطُ الشّمسَ غُرّتَهُ يترقرقُ الضّوءُ في أزقَّتِهِ وتغرّدُ على أشجارهِ الأحلامُ يسبَحُ العشّاقُ على...
ما إن وصلت الحافلة ، حتّى تدفقت جموع الركاب للصعود من كلا البابين ، ثمّة عدد من الفتيان الأشقياء ، تسلٌقوا أطرافها وتسلّلوا من نوافذها . اتخدت مكاني في المنتصف ، وقد أمسكت يسراي الكرسي ، المشغول بامرأة ورجلين ، و كانت يمنايّ تحمل كتاباً وجريدة ، بالقرب منّي كانت تقف فتاة شقراء ،تشبه...
كان عائداً من عمله ، منهكاً لا يقوى على جرّ نفسه ، فتحت له "مريم " الباب ، وهتفت بفرح واضح : - " رضوان " ..أنا أعرف كتابة اسمي ، ظنّها تهلوس فهي أمّيّة مثله ، فسألها ساخراً : - وكيف تعلّمتِ الكتابة ياعبقريّة ؟. - من " سميرة " ، هي التي علّمتني . خفق قلبه ، أمعقول هذا ؟! .. هل يمكن له أن...
منذ صدور الجزء الأول من كتاب (أدباء من حلب)، كانت غايته تسليط الضوء على الأدباء الذين لم تسلط عليهم الأضواء، ولم ينالوا حظهم من الدراسة والنقد، وعلى هذا الأساس فقد تناول الجزء الأوّل عدداً من الأدباء هم في عداد المغمورين، ولهذا فقد وجّه نقد في الأوساط الأدبية يتلخص في أنّ هذا الكتاب لا يعني...
لم أكتب من شهرين ، ليس من عادتي ذلك . كان لا يمرّ اسبوع ، دون أن أكتب قصيدة أو أثنتين .. ولكن لا عجب ، فما يحدث يبعدني عن الحياة كلها ، يخيّل إليّ أنّ قدوم الموت خير منقذ لي .. مشاكل كثيرة.. في كلّ جانب من حياتي ، تتطاول مشكلة وتكبر .. هل الموت هو الخلاص يبدو لي ذلك ، وبخاصة حين أرى أهلي الذين...
وطنٌ كالقطِ يخنقُ صغارَهُ بَالَتْ على بَهجتِهِ الكلابُ يطاردُ عصافيرَهُ أينما ارتحلوا ويضرمُ النِّيرانَ تحتَ الأغاني وطنٌ فقَّسَتْ فيه بيضُ الكُرْهِ وربضَ الحقدُ عندَ أسوارِهِ لا يدخلُ إليهِ إلَّا الموتُ ولا يخرجُ منهُ إلّا القتلى تنقضُّ عليهِ سماؤُهُ بالانفجاراتِ ويطلقُ عليه بحرُهُ...
الموتُ يتجوَّلُ في أزقَّتِنا يبحثُ عن كائنٍ يتنفَّسُ لينقضَّ على قلبِهِ يتنكَّرُ بأزياءَ عدَّةٍ منها على سبيلِ المثالِ على شكلِ أخٍ يبتسمُ يخطفُ الأطفالَ من دهشتِهمْ والأمُّ من حليبِِ نهديها والكهلَ من عُكَّازتهِ أمَّا الشَّبابُ فيأتيهم من الخلفِ لا شيءَ يجرؤُ على العبورِ إلَّا الغبارُ...
صديقي .. لا أقصدُ الإساءةَ إليكَ في حديثي هذا.. فلن أُحدّثَ الآخرين عن شخصيتك ، بل عن نموذجٍ أنت تمثّلُه ، وإمعاناً منّي بالحرص على عدم التّشهير بك ، فسوف أغيّر اسمكَ ، وسأهدر خمسة عشر سنتيمتراً من طولِكَ ، وأضيفُ إلى نحولِكَ عشرينَ كيلو ، وإلى عمرِك خمسَ سنوات . أعزائي ..أرجوكم ألآ تهتمّوا...
الجِبَالُ تَمخُرُ عُبَابَ دمعتي والبحرُ يغوصُ في ناري والسّماءُ تَتَمَسَّكُ بأطرافِ لوعَتِي إنّي أخطُّ فوقَ الأبجديّةِ سَعِيرَ نبضي وأرسُمُ على شهوقِ آهتي سَلالمَ موتي أصعَدُ درجَ الغُربةِ أعتلي عرشَ الانهيارِ وأمدُّ عُنُقِي من نافذةِ الصّمتِ لأهتُفَ في رحابِ الاختناقِ أنا خريرُ العَدَمِ أعبُرُ...
سأريكم ما أنا فاعل ياأولاد الكلب ، وقسماً بالله لسوف أدفنكم أحياء .. منذ اليوم ستعرفون من أنا ، وعندها ستندمون على أفعالكم السّيئة معي . أنا خيرو الأشرم .. الذي كنتم تعاملونه بتكبر واحتقار وتمنعون أولادكم عن مصاحبته ، فإن كنتم تتعوذون من الشّيطان إن رأيتم خلقتي ، فسأجعلكم تتلون آية الكرسي ،...
استيقظت على ركلة قوية ، وقبل أن أفتح عينيّ الناعستين ، انهمرت دموع الوجع منهما ، أحسست أنّ خاصرتي قد انشقت ، وقد هالني أن أبصر أبي ، فوق رأسي وعيناه تقدحان شررا ، نهضت مسرعا ، يسبقني صراخي وعويلي ، فأنا لم أدّر بعد ، لماذا يوقظني بهذه الطريقة ؟!. ـ ساعة .. وأنا أناديك .. فلا ترد ياابن الكلب ...
كان زملاؤه في الجامعة ، يسمونه " اللصقة " فما من مرّة رأوه مقبلاً نحوهم ، إلاّ وسارع أحدهم لتنبيههم ، قائلاً في حذر : - جاء اللصقة .! . فينسحب بعضهم قبل وصولهِ ، بطريقة ذكيّة قائلين : - لنهرب .. قبل أن يحلّ بلاؤهُ علينا . وسبب هذا يعود إلى ظروف " عبد الله " القادم من الريف ، ليتابع...

هذا الملف

نصوص
280
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى