أحماد بوتالوحت

كُلّ الحِكايات كَتَبتْ لِّلسَّجين نَفْس النِّهايَة المُفْجِعة :تُحْمَل رَأْس الفَتى مَذْبوحَة إلى مَائِدة السُّلْطان بَعْض الحِكايات رَأَت أن تَسْمو بِالهَدِية فَقَدَّمت الرَّأْس مُضَرَّجة بِالْحِقْد على طَبَق مِن ذَهَب تَمَلَّى الْقَيْصَر بِعَجْرَفة ، الشَّعْر الأَشْقَر المَشوب بِحُمْرة...
لم أجَدْ كأساً أسْتَجِيرُ بِهَا مِنْ ضَجَرِ الْحَاضِرْ ، ولم أجد طريقاً ، أَجْدُلُ منه حَبْلَ مشنقتي ، فَاخْرِجْنِي يا غَدِي !مِنَ الغموض كَيْ أَرَى مَا سَأَكُونْ ، اخْرِجْنِي من كُمُونِ الْوُجُودِ لآخد شَكْلِيَ الأَسْمَى وَأَحْيَا. أيتُهَا النهايةُ !يَا مَدْحِيَ الذي سيأتي من رماد الكلامْ ،...
حزني يُضِيءُ تحت سًقْفِ القمرْ ، وَدَاخِلَ قلبي تَخْتَلِجُ طُيورٌ حمراءْ ، وَفِي ذَاكِرَتِي ، مَطَرٌقديم يَسِيرُ بين الجُثثْ . سَأُؤَجِّلُ جُنُونِي قَلِيلاً وَ مَوْتِي قليلاً ، وَسَأَذْرُعُ شوارعك الرَّثَّة يا وطني ! رَافِعاً أغصَانِي كَالْبَيَارِقْ ، وَسَأَرُجُّ عظام قصائِدِي كَأَجْرَاسِ...
في سَنَوات صِباهَا الأُولَى ، تَقَلَّدَت رَأْس شَخْص مَهْوُوس بِالمُرْتَفَعات كَان مُرَوِّض عَضَلَات الحِبال ، يَرْقُص عَلى ظُهورِها وَعلى أَحْزانِها المَفْتولَة . في ذَلِك الزَّمَن الأَغْبَر ، كانَت الطَّبيعَة مَسْكونَة بِفُوبْيا الفَراغ وَالإِنْتِظار فَعَمَدت إِلى مَلْء جُيوبِه الخاوية...
هلْ مِن قَبِيل الصُّدف أن تَخِرّ الثَّمَرة الأولى عَلى رَأْس الرَّجُل الذي كَاد أن يَنْتَهي مُزارِعاً ناجِحاً ؟ أخْرَج الحَدَث الكُرْسي الهَزَّاز مِن هَذَيانِه اليَوْمي ، فانْقَلَب بِراكِبِه دُون مُراعَاة لِعُرى القَرابَة بَيْنَهما ضَحِك سِرْوال الرَّجُل بِثُقوب خَلْفِيَتِه وَذَرَف غَلْيونَه...
إنَّهُم مَوْتى ، هَؤُلاء الَّذين يَتَساقَطون تِباعاً مِنْ أَغْصان الْعَتَمَة وَعَلَيْك وَحْدَك أن تُدِير دَوَالِيب طَواحِين الَّليل ، عليك أن تقْتَلِع الظِّلال من أرْصِفَتِها وتُقَلِّم أظَافِر الغبار ( يحتاج النَّهْر إلى قَرَابِين آلِهَة وَثَنِية كَي يُطَهِّر جِلْدهُ ) . هَا أنْتَ تَخْصِف...
سَكَنَت تَهْويدَة النَّاي الخَشَبِيّة المُتْعَبة مِن هَدْهَدَة أجْفان النَّهْر المُهَرَّب داخِل سِلَّة وَكَفَّت الكَواكِب عَن الإرْتِجاج حِين تَخَلَّصَت مِن حُمَّى الرِّيّاح بِفَضْل قُرْص "أسْبِّيرين" فَوّار آبَ الرَّجُل إلى مَهْجَعِه ، عِلِّيَّة تَنْتَعِظ على بِنايَة مَلْعونَة ، تَخْطو...
كانُوا مَوْتَى مَبْعوثِين هَارِبِين من رَدَهات الجَحِيم ، أهَّلَتْهم لَها مَوازِين القَدِير. وأنَّه لَيَقينٌ أنَّ السِّجِلَّات المُخْتبِئَة تَحْت مَعاطِفِهم والَّتي فَرُّوا بِها ، خَالِيَة مِن الصَّالِحات وحَسَب النَّواميس ، لَا أَحَد يَنْجو مِن الْقَصاص وَلَا أحَد سَيَلُود بِخَيْمَة ذَرِيعَة ...
يحُطُّ المَساء في كُلّ مَكان : على جَماجِم أجْراس عَرَبات المَوْتى وفوق حُطامِ السُّفُن المُشْبعَة بِالمِلح والذِّكْريَات على كَراسِي المَقاهي الَّتي تَبِيض على الرَّصِيف وبين النُّهود المَحْمومَة على صُدُور العَذارَى وفوق القُبّعات المُسْتكِينة عَلى رُؤُوس التَّماثِيل وعلى الأسْرار المَطْوِية...
كانَ الشِّتاءُ عابِر سَبِيلٍ فَحَسْب ، وَلَا ضَوْء في الأُفُقِ يَهْدي الطَّير إلى سَقِيفَةٍ . عَظَاءات تُفَتِّش بَيْن أَقْمِشَة الضَّباب عَنْ دِفْءِ الشَّمس ، رُؤُوس تَسْقُط مِنْ عَل ، مُضْرَجَة بِسُخَامِ قُبَّعاتِها ، قطارات تَرْكُض في الحُقول مَصْحوبَة بِمُوالِ السَّنابِل ، مَساءٌ ثَمِلٌ...
كَان أَكْثَر ما يُزْعِجُه ، أن تكُون النُّجوم غَيَّرت مواقِعَها كما تُغَيِّر حفَّاظاتِها . لكنَّ الأسْوَأَ كان قد حَصَل ، فَقُرَى النجوم قد إخْتَفت خَلْف أَكَمَات السُّحب . فرغم أن أجْراس المَطَر قد أنْهَت مُدَاوَمَتَها ، والرِّيح لم ُتَعد تَسْرق دَوَالِيب المِقَشَّات الطَّاِئرة فأسْراب الصُّقور...
إشتراني من سوق الأشياء المُسْتعملة ، بعد أن ساوم عليّ حتى بحّ و جفّ ريقه وكان قد أعطاني موظف سامي في إحدى الوزارات لِمتسوّل يجوب أزقة حيِّه الراقي ، كنت حينها ما زلت فتياً ولم أبلغ بعد مبلغ الكهولة ، خدَّايا كانا متماسكين ولم تكن لدي لُغُود تشوِّهُني فضْلا عن أني أتمتع بصحة جيدة يحسدني عليها...
كَما في زَمِن سابِق ، حُظِيَت الطَّرابيش بِأَهَمِّية لَم تَحْظ بِها الأَحْذِية وَلَا الأَرائِك المَخْمَلِية وَليْس مِن قَبيل الصُّدَف أن تَرى طَبْل الصَّفيح الأفَّاق، يَسْلخ جِلْده كَي يَنْحَني لَها بِكَثير مِن الوَقار . لَكِن الرِّيح التي خَبُرَت تِلك الكائِنات المُخْتَمِرة على الرُّؤوس ، لَم...
حتَّى أنْت يا يَهُوذا !؟...كيْف تَجْرُؤ !؟ في العَشاء الأَخير كان مَكْتوبا عَلى رٍقِّ جَبينِك أنك تُسلِّمُني وهَكَذا حَدَث ، وَبِيَد مَطْوِية داخِل قَفَّاز مَتَواطِىء ،سَدَّدْت إِلآ ظَهْري طعَنات غَير رَحيمَة وَقَد عَلَّمْتك وأنت غِرّ، كَيْف تَجُزّ عُنق شَاتِك وَ تُعِدّ عَشاءَك وتُنظِّف...
عَلى سَطْح يَحْرُسُه نُباح أجْراس قِبَب الكَنائِس ثِيّاب مَشْلوحَة ـ ّفوْق حِبال غَسيل ـ تُلَوِّح جُلودَها الشَّمس وَلَقالِق تَحْضُن أحْفادَها وَتُقاوِم النَّوْم وَاقِفَة على أبْواب المَداخِن . مَدْفوعَة بِأحْقاد مِكْنسَة عَجوز ، شَمَّرَت عَن ألْغادِها الرِّيح كانَت مُفْلِسَة ذلِك الصَّباح ،...

هذا الملف

نصوص
125
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى