د. سامي عبدالعال

إحدى مفارقات الحب أنَّه يتيح بُعداً ( روحانياً وحلماً ) يضعانّ الإنسان ضمن رتم الحياة بشكل مغايرٍ. فلا يوجد ( حب ميت ) أو حب يحيل إلى الموت على سبيل المثال. لكن قد يكون معنى الموت بالنسبة إلي الحب تجريةً تشبه آثاره البعيدة. أي أنَّ خلوص الحب لذاته ( ولطرفيه ) أمر باتٌ ولا رجعة فيه وغير قابل...
لعلَّ ما يحكُّم الرُؤى الفلسفية ( شرقاً وغرباً ) هو الاختلاف لا الاتفاق. وليس ثمة داعٍ لجمعهما في سلةٍ واحدةٍ، بل إنَّ الاختلاف الفلسفي يمثل القاعدة الأساسية التي لا قاعدة بعدها مهما حاول البعضُ إيجاد التقارب بين الطرفين. إنَّ المجتمعات الإنسانية تتغاير جذرياً فيما تراه من صور العالم والأشياء...
ظلت مقولتا ( الشرق والغرب) بمثابة طرفي أرجوحة ثقافية، تتأرجح عليها الآراء والأقلام والأفكار ردماً للهوة أو زيادة المسافة بين طرفيها. فهناك من يرى أنَّ "الشرق شرق والغرب غرب.. ولن يلتقيان "، بينما هناك من يعتقد في شيءٍ آخر آملاً بوجود وشائج إنسانية ومعرفية بين الطرفين. إذ يتم ذلك التقاربُ، مرةً...
ربما تاريخ العقل هو أكبر عائق أمام التفكير العقلاني الحُر. والقضية ليست نكتةً ساخرة، لكنها في النهاية " أبنية ثقافية "cultural structures تكبل الفكر بغطاءٍ غليظٍ. تمنع تأسيس موضوعاته بشكلٍّ جديدٍ أو مختلفٍ، بل تقف عائقاً أمام ابداع صورٍ متنوعة من العقلانيات. فالأخيرةُ أكثر روغاناً مما نعرف في...
في لحظةٍ أو أخرى، ستُواجه " الفلاحةُ الفلسفيةُ " تواريخَ العقل مباشرةً ... هكذا بصيغة الجمع للتاريخ، لأنَّها فاعلية تتطلب كافةَ الممارسات الداعمة للفكر والفحص والتأمل، كما أنَّها فلاحة ستُولد مُثقلةً بالمشكلات التي تعترض التفلسف كنشاط دون توقفٍ. وليس يُوجد هنالك من تأجيل لأيةِ خطوةٍ منتظرة، ذلك...
مشكلة "الفلسفة" في بيئاتنا العربية: أنَّها ( مستزرعة استزراعاً ) دون ثقافةٍ حاضنةٍ. بلغة ( الفلاحِة )، تعدُّ الفلسفة مثل (الأشجار) التي تُجلب من بيئةٍ إلى بيئةٍ مغايرةٍ، لأجل الزينةِ أو أنْ تُوضع في بداية الحقول، لكي يراها الناس ويتباهون بها ليس أكثر. وأحياناً تستعمل مثل الفزَّاعة( خيال المآتّة...
" مع كل عصور التاريخ المختلقة، لم تخلُّو الفلسفةُ من إهتمامٍ بكيفية فلاحة العُقول وغرس بذور الإنسانية والتهيؤ للمستقبل " " الفكر المُتأمّل يتطلّب مجهوداً وتمريناً طويلاً، كما يتطلّب عناية دقيقةً أكثر من أيّة مهنةٍ رسميّةٍ. إنّه كما يفعل الفلاّح، يتطلّب أنْ يتعلّم انتظار الحَبّة حتّى تنمو...
جرت التقاليد اللغوية الشفاهية أنَّه عندما( نُعبر صوتياً ) عن شيءٍ ما سرعان ما تحمل التعبيراتُ موضوعها حيّاً. تنقله من شخصٍ إلى آخر كأنَّها مُعبَّأة بأنفاس ساخنة هي" الحضور الحي" لمعناه. بدليل أننا عندما نسمعُ الكلام إجمالاً، فإنه يرتبط بحالة ( النَفْسِ والأنفاس) بين المتكلم والمتلقي مباشرة. مما...
لا يُجسد العنوان احتفاءَ العالم بإبداعٍ مهمٍ فقط، لكنه يتركُ تساؤلاً إزاء الموقف منه: أين نحن تجاه كل ما يجري في مضمار التفلسف؟ ولئن كان ثمة اهتمامٌ كوني بالفلسفة، فهي كذلك بمقدار الاسهام الحقيقي فيها، لا مجرد التلهي بإنتاج الآخرين كبضائع رمزية عابرة للقارات. لقد درجنا على جَلب الأفكار من هنا...
" تعددت الأسبابُ والموتُ واحدٌ "... مقولةٌ شائعةٌ جددت دلالتها على خلفية جائحة كورونا. وانتبه إليها الناس فجأة آملين في إيجاد العزاء عن المآسي التي وقعت يومياً نتيجة لعنة المرض. لكن المقولة الآن ليست صحيحة على الأقل بشقها الأول، لقد تعطلت عن العمل كماكينةٍ صدئةٍ ضاعت معالمها. فقد جاء فيروس...
تنتزع الثقافةُ من الإنسان ( من حيوانه المتوحش ) حيواناً أليفاً. وأيةُ ثقافة تحاول الذهاب بعيداً في اصطياد هذا الكائن الحي كي يعُود طائعاً وخانعاً عبر الأنظمة الحياتية المختلفة. فالثقافة دُربة تاريخيةٌ على ( ترويض الإنسان ) ليرتدي عباءة القيم والقوانين والفنون وأساليب اللياقة السياسية...
إلى الآن، لم ( تفكِّر ) الثقافةُ العربية الإسلامية في: كيفية تأسيس النصوص الدينية وتداولها؟! لقد جاءت النصوص وحلَّت بمعطى لغويٍّ تؤكده ماهيتها دون نقاشٍ. لدرجة أنَ ما ينطبق على النص الأول ( القرآن ) سينطبق تباعاً على نصوص الفقهاء والمفسرين والدُّعاة حتى نصوص كبار شُرَّاح اللغة والشعر والنثر...
في المجتمعات الأقل ديمقراطيةً كحال مجتمعاتنا العربية ( وإزاء فشل " الاستعمال العمومي للعقل " لو أوردنا كلمات كانط )، ثمة أسئلةٌ مزعجةٌ: هل ( يَغيبُ ) المجال العام على غرار غياب أي شيء آخر أم أنه ( يُغيَّب ) بفعل فاعل هو نحن؟! أليس المجالُ العام Public sphereعمليةً تاريخيةً تستوعبُ طاقات المجتمع،...
إحدى علامات ( مرض الفكر ) أنْ يتحسس الإنسانُ معتقداته خوفاً من الآخر, على غرار ما يتحسس ( قفاه ) حذراً من تلقي لطمةٍ مفاجئةٍ كاد يتوقعها من مجهولٍّ. وبخاصة إذا كان الآخرُ مختلفاً دينياً له معتقداته وطقوسه وحياته الخاصة. والتحسُس نوعٌ من " الحكْ المتواصل " في جلد المعتقدات ( جلد القفا – الرأس )...
ليس المصيرُ قفزةً صوريةً مجردةً، ولا هو اعتقاد معلَّق بسقف الزمان عند نهايةٍ بعينها. لقد افرزت السياسةُ وقررت الأديان: أنَّ صناعة المصير خارج إرادة الناس مؤقتاً أو دائماً. وتلك فكرة قد تكون غير إنسانيةٍ على الإطلاق، أي حين لا تتوقف الأفعال على حرية الإنسان. لأن الأخير عندئذ لا يعدو أنْ يطلق...

هذا الملف

نصوص
156
آخر تحديث
أعلى