عبد العزيز بركة ساكن

أشم عبق البئر، رائحة الأعماق الحمضية تئز في أذني كطنين محشو بالرغبة، كما في عينيك دموع الإحساس المكبوت،أقول لها اصفي لي الطريق إلى اللذة، طريقتك إلى يوم الحشر، قالت: صلاةٌ، ألمْ و صراخْ؟ – لا أعرف. قالت نفسي : لا أعرف. تضحك، – أنت تعرف أكثر. ( لأنك مررت بكل طرقاتي قطفت عظيم شهواتي) و اختبأتَ في...
تعادلنا ثلاث مرات على طاولة التنس ، هي سريعة الحركة ، لها طاقة لا تحدُّ، ماهرة كالشيطان، ذات حِرفية مدهشة في تحويل كل كرات الرد إلى كرات زوايا بعيدة، يصعب التعامل معها، وعندما انتهت اللعبة ، مسحتِ العرق عن وجهها ببطن كفها، أطلقت شعرها الأشقر على ظهرها وكتفيها، ثم استدارت استدارة سريعة لتقف قربي،...
يلتقط الأصداف بأنامل قلقة لكنها بصيرة ماهرة : تري، تحس و تقرأ في نفس لحظة اللمس، تقوص قدماه في مياه النهر الدافئة، يسمع أنين الرمل تحتها، كان يستهدف الأصداف الكبيرة ذات النهايات التي تشبه منقار النسر، هي كثيرة تقبع في المياه الضحلة، ولكن العثور عليها يحتاج لوقت و خبرة، هذا هو يومه الأخير في كلية...
البحث في الأدب الإريتري المكتوب باللغة العربية، تحديات كبيرة ومعضلات قاسية، كالبحث عن بقعة ضوء في ثقب أسود، نسبة لشح المصادر والغموض الذي يكتنف كل ما هو إريتري. فمنذ أن كتب الروائي الإريتري الأكثر شهرة والمناضل محمد سعيد ناود (1926 ـ 2010) روايته الموسومة بـ«رحلة الشتاء- صالح» التي تعتبر أول...
كل من في الحي الصغير، بقشلاق السجون في مدينة القضارف، في تلك الأيام، كان يتحدث فقط عن السكان الجدد، الذين استغلوا البيت الفارغ، المجاور لبيتنا مباشرة، كان بيننا باب جيران صغير فتحه الساكنون القدامى. أسرة صغيرة، تتكون من زوج فقط، تعمل الزوجة جاويشا بالسجن، يقال إن الزوج يمتهن صناعة كراسي...
طرقتُ البابْ. أقصدُ جمعت كل شجاعتي وطرقتُ الباب. كنت أسمع صدى النقرات مرتدًا من الداخل. يبدو أن بالداخلِ قاعةٌ كبيرةٌ فارغةٌ. طرقتُ الباب مرة أخرى وانتظرتُ. سمعتُ وقع خطوات خفيفة تقترب. وفجأة فُتح البابُ. قفزتُ إلى الخلف. قفزت خطوتين شاسعتين إلى الوراء. إن الذي أراه أمامي ليس إنسانا بل ليس...
سألني السائق سؤالاً أخيراً عندك جد فى العرديباب ؟ قلت له مؤكداً وبشكل حاسم نعم عندى جد واسمه الحاج عندلة. ثم سألني وكأنه يريد أن يؤكد شيئاً هل هو موجود حالياً... فى الأيام دى بالذات. لا أدرى لماذا يتدخل السائقون الثرثارون فيما لا يعنيهم،أنا ذاهب الي العرديباب، وعليه أن يكبح فرامل عربته فى...
كان الشَرَطِيُّ النحيف، الشاب، الذي يَقَدِّرَ عمره كل عام "بعدة سنوات" منذ ان تجند في الشرطة وهو في عمر الخامسة عشر، يقف في المسافة القانونية التي اوصاه بها القاضي التقي ود كُشيب، و المقصود هنا مولانا حسن النوراني ود كشيب، وكشيب في مُخيلة سكان غرب السودان تعني المريسة، وهي مشروب ريفي لذيذ...
من عجائب الأقدار أن يصبح الكتاب الذي سرقته من غرفة أخى الأكبر فريد، هو الذي يقرر كيف تكون حياتي في المستقبل، كان كتاباً متوسط الحجم، له أوراق قديمة تتدرج ألوانها ما بين البني الغامق الى لون أشبه بالحنطة، كُتب على غلافه الذي يخلو من الرسومات، (قصص الرعب والخوف- تأليف إدجار ألآن بُو- ترجمة خالدة...
فصل وَدْ أمونه عِطْرُ البَخُورِ الحَبشي يملأ القُطِيةَ، تأتي أصوات المكان مخترقة قش وأقصاب القُطِية عَبْر الظُلمة للداخل، واستطعنا أن نميز غِناءً جميلاً رقيقاً يتلمس سِكَكَه عبر الليل نحونا، قال ود أمونة: إنها بوشاي. ثم واصل في حكي تفاصيل السجن، تحدث بتلقائية وبساطة، بهدوء ورقة لا تتوفر في شخص...
1/ فراش تَقلبتْ قليلاً في فراشها الرطب، قبل أن تنهض و تضع ثوبها علي أطفالها الثلاثة، فالبطانية العسكرية القديمة المزيقة فقدت دفئِها علي مر الأعوام، بطانية الصوف الخضراء الخشنة ذات الثقوب الكثيرة، ابنتها الوحيدة آمنة ستبلغ السابعة عشرة بعد شهور قليلة، ما زالت تعاني من التبول الليلي علي الفراش،...
استيقظت فجأة، أو قل كما هي عادتي، في آخر الليل، دفعني قلق لئيم إلى أن أتمشى قليلاً في الطرقات الفارغة طالما كان هناك قمر وأنجم قليلة وجو معتدل ورغبة في المشي، مررت ببيته عند أول منحنى الطريق، لا شئ غريب فصوته ما زال بذات العمق وذات الدفء يحلق حول المكان كسحابة من النشوة والحب والورع مترنماً: يا...
نَحْنُ الآن في شهر مايو، نِهاية مايو، أقمتُ منذ أكثر من شهر في التَّاية استعدادًا للموسم الزراعي الجديد؛ حيث إنني اشتريت أرضًا جديدة مقدارها عشرة أفدنة، وتحتاج إلى تنظيف، تكثر بها أشجار الكتر، وقليل من أشجار اللعوت، وبعض الطلحات. كان معي عاملان يساعدانني في أُم بَحَتي؛ حيثُ إنه ليست لي خبرة في...
ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﺤﻴﻂ ﺧﺎﺻﺮﺗﻲ ﺑﺴﺎﻋﺪﻳﻬﺎ، ﺗﻘﻠﺒﻨﻲ . ﻭﻳﺴﻴﻞ ﻟﻌﺎﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻓﻤﻲ . ﺑﻘﺎﻳﺎ ﺯﻳﺖ ﻣﺤﺮﻭﻕ . ﻋﻮﺍﺩﻡ ﺳﻴﺎﺭﺍﺕ ﻋﺎﺑﺮﺓ ﺍﻟﻘﺎﺭﺍﺕ . ﻣﺰﻣﻮﺭ ﻣﺸﻮﻱ ﺑﺰﻳﺖ ﻣﺴﺮﻃﻦ . ﻣﻄﺮ ﺣﻤﻀﻲ ﺍﺯﺭﻕ . ﺑﻄﺎﺭﻳﺎﺕ ﻳﻘﻄﺮ ﻣﻨﻬﻦ ﺣﻤﺾ ﺍﻟﻜﺒﺮﺗﻴﻚ . ﺍﺳﻤﺎﻙ ﻣﻴﺘﺔ ﺗﻄﻔﺢ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ ﺍﻟﺮﻏﺒﺔ ﻭﺑﻘﺎﻳﺎ ﺟﺮﺫ ﺍﻋﻤﻲ ﺗﺤﻤﻠﻖ ﻓﻲ ﻋﻴﻨﻲ : ﺍﻟﻤﺪﻳﻨﺔ ﺗﻄﻮﻕ ﺧﺎﺻﺮﺗﻲ . ﺗﺤﻘﻦ ﻗﻠﺒﻲ ﺑﺎﻹﺳﻔﻠﺖ ﻭﺷﺤﻢ ﺑﻼﺳﺘﻴﻜﻲ...
إذا قٌدِر لي أن أحدد عددنا في ذلك اليوم فاننا قرابة الستين طفلا، تتراوح أعمارنا مابين السابعة و الثامنة،بعضنا و أنا واحد منهم ، ماتزال قنابيرنا في مقدمة رؤسنا مبللة بالزيت وعلي أعناقنا تتدلي التمائم التي تحفظنا من العين و الحسد وتبارك أيامنا وتهبنا الحظ الجيد و الخير الوفير، كنا نتحدث جميعا في...

هذا الملف

نصوص
37
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى