المكّي الهمّامي - أَنْتَ أَصْدَقُ مَا فِي دَمِي(●)

أُحِبُّكَ، يَا أَبَتِي..!

حِينَ نَمْشِي مَعًا،
نَتَرَافَقُ مِثْلَ صَدِيقَينِ مُنْسَجِمَيْنِ،
أُحِسُّ بِأَنَّكَ فِي دَاخِلِي مَلَكُوتُ فَرَحْ..
وَأُحِسُّ بِأَنَّكَ أَجْمَلُ مَا فِي حَيَاتِي،
وَأَنَّكَ قَوْسُ قُزَحْ..

هَلْ أُضِيفُ بِأَنَّكَ: أَرْوَعُ أُنْشُودَةٍ
تَتَرَدَّدُ فِي شَفَتِي...
{أَبَتِي.. أَبَتِي.. أَبَتِي..!!}

مَنْ أَنَا دُونَ أَنْتَ..؟!
وَمَنْ فِي غِيَابِكَ يَحْرُسُ حُلْمِي الطُّفُولِيَّ..؟
مَنْ يَزْرَعُ الوَرْدَ فِي حَقْلِ عُمْرِي..؟؟
وَمَنْ يَقْطِفُ النَّجْمَ لِي،
بِأَصَابِعَ عَاشِقَةٍ،
وَيُحَلِّقُ بِي عَالِيًا، عَالِيَا...؟؟؟
أَنْتَ عَلَّمْتَنِي أَنْ أَكُونَ أَنَا..
وَأَنَا، دُونَ نَبْضِكَ، لاَ شَيْءَ...!!

لاَ شَيْءَ يَنْبُتُ دُونَ بُذُورٍ..
وَلاَ شَيْءَ يَكْبُرُ دُونَ جُذُورٍ..
وَلاَ شَيْءَ يُزْهِرُ
دُونَ مَشَاعِرِكَ الأَبَوِيَّةِ، غَامِرَةً عَالَمِي..
فَلْتَكُنْ، دَائِمًا، خَفْقَتِي فِي المَدَى..

أَتَذَكَّرُ أَنَّكَ كُنْتَ تُلَقِّنُنِي الكَلِمَاتِ..
تُدَرِّبُنِي أَنْ أَطِيرَ..
تُضِيءُ الطَّرِيقَ أَمَامَ رُؤَايَ بِرِفْقِ نَبِيِّ
وَعَطْفِ مَلاَئِكَةٍ طَيِّبِينَ..
وَتَضْحَكُ فِي أُفُقِي..
كُنْتَ أَصْدَقَ مَا فِي دَمِي..
{فَمَتَى نَلْتَقِي، لُنُغَنِّي مَعًا، يَا أَبِي..؟}

رَغْمَ كَيْدِ الجَمِيعِ، هُنَا وَهُنَاكَ،
اشْتِيَاقُكَ يَنْهَضُ كَالسِّنْدِيَانَةِ فِي غَابَتِي..
يَتَعَنْقَدُ حُبُّكِ فِي غَيْمَتِي..
يَتَدَفَّقُ مَاءُ الحَنِينِ، احْتِرَاقًا،
إِلَى بَيْتِنَا القَرِوِيِّ البَعِيدِ..
{هُنَالِكَ، قُرْبَ البُحَيْرَةِ، خَبَّأْتُ
جَوْهَرَةً فِي الثِّيَابِ القَدِيمَةِ.. أَخْفَيْتُهَا
فِي يَدِ الذِّكْرَيَاتِ الَّتِي لاَ تَمُوتُ..}

بَدَأْتُ أُفَكِّرُ فِي عُشْبِ عَيْنَيْكَ..
أَدْرَكْتُ أَنَّكَ أَبْهَى،
وَأَقْرَبُ مَنْ أَنْ تَكُونَ أَبًا..
أَنْتَ دَقَّاتُ قَلْبِي الصَّغِيرِ،
وَأَرْوَعُ مَا فِي رَبِيعِ العَصَافِيرِ..
أَنْتَ امْتِدَادٌ لِرُوحِي،
مُرَفْرِفَةً فِي سَمَاءِ الأَغَانِي..

أُحِبُّكَ، يَا أَبَتِي..!


☆ شعر/ المكّي الهمّامي ☆

(●) ملاحظة: القصيدة مجراة على لسان ابنة الشّاعر، ومهداة إليها.

تونس- منزل جميل/ سبتمبر 2018.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى