مصطفى خضر - تغيّرٌ في عامِ 2002م.. شعر

للتغيّرِ حكمتهُ الباقيهْ!
للتغيّرِ في الرّوحِ فتنتهُ،
وأنا أستعيدُ اكتشافكَ، يا صاحبي،
فتعيدُ اكتشافيَ في لحظةٍ أنعشتْها المعاني
تحرِّرُ شعريّةً ما من النَّحْوِ والمَحْوِ،
والشَّاعرُ الحرُّ يختارُ أن يتأمَّلَ، وَهْوَ يعاني
طفولتَهُ، وسماءُ حديقتِها عاليهْ!
وتغيُّرُنَا الآنَ في عامِ ألفينِ واثنينِ
يعني جنوناً، ويعني الشَّهادَهْ!
*
هو ذا كائنٌ يتحوَّلُ دَوْماً،
وشاهدهُ الأرضُ أم لغةٌ ثانيهْ؟
لغةٌ يتقمَّصُها حَجَرٌ في المكانِ،
يؤرِّخُ فيها المكانُ الزمانَ،
ومَامِنْ مصادفةٍ للرِّهانِ،
ومَامِنْ مصادفةٍ للولادهْ!
*
للتغيّرِ فتنتهُ، والحياةُ مؤقّتةٌ،
وإرادتُهَا ناميهْ!
والضرورهْ تعني الصّراعَ،
وما زلتَ أنتَ، أنا، كائنينِ
نفتِّشُ عن حجرٍ نادرٍ ونبيلٍ،
يؤهِّلُهُ الشِّعرُ، والشِّعرُ حرِيّةٌ أم صوَرْ؟
ومعاناتُنَا، باستعاراتِهَا ووقائِعَها، في خَطَرْ!
تتوحَّدُ في عالمٍ تتغيَّرُ أسماءُ فيهِ وأفضيةٌ،
والجسومُ مظاهرُهَا ربّما تستجيبُ لأشواقهِ،
وَهْيَ من داخلٍ تُحْتضرْ!
فمتى تتجدَّدُ فِيها إرادهْ؟
***
للتغيّرِ سيرتهُ، واحتمالاتهُ، واخْتِباراتهُ!
كائناتٌ من الفحمِ والماءِ تدخلُ في التجربهْ
فتروّجَهَا سلطَةٌ لم تكنْ متوقَّعةً،
وتحالفُهَا ثروةٌ تُنْتَظرْ...
فلماذا، إذاً، سنعيدُ النَّظَرْ؟
وأنا، أنتَ، لمّا نزلْ غائبينِ ومُحْتَجِبَيْنِ
نحاولُ معرفةً، والفضولُ كتابٌ؛
إجابتهُ اضّطربتْ بَيْنَ بَيْنْ..
والشّروحُ التي اقترحْتَها مُعَادَهْ!
وإذا لم نكنْ حالمينِ نحاولُ مُلْكاً
فهل سنبدِّدُ قدراتِنَا شِبْهَ مختلفينِ،
ومؤتلفينْ
تستعيدُ اكتشافي يا صاحبي، فأعيدُ اكتشافكَ،
والكَشْفُ قُرْبٌ وبُعْدٌ، مدى وحجابٌ...
وهذا هو العمرُ، أوّلهُ الفقرِ، آخرهِ الخُسْرُ،
والعَصْرُ يُعْنى بأسئلةٍ، شكلُهَا لم يعدْ واضحا...
والنظامُ القديمُ الحديثُ هو المُخْتَبَرْ!
وأنا، أنتَ، في عامِ ألفينِ واثنينِ ندركُ
أنَّ الجهادَ عِبَادَهْ!
*
اَلشفافِيَةٌ امْتَحنْتهَا وقائعٌ أيضاً،
وهذي بلاغتُهَا خابيهْ!
والخطابُ القديمُ الحديثُ يفوِّضُ مندوبَهُ
خاسراً، رابحا...
وهوّيتُنَا بعضُ أقنعةٍ
تتنكَّرُ مأساتُنَا في الوجودِ بها،
فلِمَ اختُصِرَتْ؟ وهل ابْتُكِرَتْ؟ ومتى تُبْتَكَرْ؟
وَهْيَ مَنْ توَّجتْ غيرَهَا غازياً، فاتحا
منذ أَنْ أغلقتْ عصبةٌ الفاتحينَ روايتَها،
واحتمى بتقاليدِهِ راويهْ!
أَهْوَ فَرْدٌ يُقيِّدُه المَتْنُ؟
والمَتْنُ تطمسهُ حاشيهْ
هِيَ بستانُ معرفةٍ أو سعادَهْ!
*
اَلعبوديّةُ ارتحلت في المكانِ، غَفَتْ في الزّمانِ،
وفي عامِ ألفينِ واثنينِ كانَ فضاءٌ يُعِدُّ مدائنَ
للحربِ،
يدعو هجائَنَ من كلِّ نِوْعٍ وصنْفٍ،
يحوطُ بها العُرْبُ، والعُرْبُ مجموعةٌ خاليهْ!

والسقوطُ عيادهْ!
***
للتغيّرِ حكمتهُ... للتغيّرِ فتنتهُ... وإلخ!
التغيّرُ يهدمُ... يبني...
ومِنْ كائناتٍ مؤسّسةٌ ما، مواسمُهَا دانيهْ!
غير أن المؤسّسةَ انفجرتْ فكرةً وممارسةً،
وبضاعتُها كاسدهْ
تَسْندُ البيتَ والعَتَبَهْ!
وخليّتُهَا الفاسدهْ
تبسطُ المائدهْ!
المؤسّسةُ الحيّةُ، المَيْتةُ، الخالدهْ...
وَجْدَهَا تتناسلُ أرقامُهَا وحساباتُهَا الجاريهْ!
وهزيمتُها تشبهُ الغَلَبَهْ...
والنظامُ، إذاً، وَحْدَهُ الحَلَبَهْ!
*
للتغيّرِ طفرتهُ، والطبيعةُ روحٌ ومادّهْ!
وأنا أستعيدُ اكتشافَكَ، أو تستعيدُ اكتشافيَ،
والجوُّ أحوالهُ قاسيهْ!
نتساءلُ: هل يمحّي الفَرْقُ،
والرّتْقُ يشبههُ الفَتْقُ،
والرِّقُّ ليلتهُ خطواتٌ تطولُ، ورحلتهُ نائيهْ!
*
اَلصراعُ احتمالاتهَ كثرتْ،
اَلصراعُ الذي يورثُ المُلْكَ، أو يصنعُ الطاغيهْ!
والحياةُ يهدِّدُهَا النَّوْعُ،
والنّوعُ أجناسهُ فانِيِهْ!
فتعالَ، إذاً، نتأمّلْ روايتَنَا
غامضينِ ومنكسرينِ... وحيدينِ... مضّطهدينْ..
وتعالَ إلى خرقةٍ، وإلى زاوِيهْ
كي نمثِّلَ أدوارَنَا واضحينِ ومُغْتَرِبَينْ!
*
كلُّ شيءٍ طَفَا، إِذْ أَشَاعَ فسادَهْ!
نخبةٌ أم فئهْ
روحُهَا صَدِئَهْ...
هل تؤسِّسُ بالكلمهْ
أرضَنَا الثانيهْ!
ونلاحظُ تاريخَهَا يقظينْ...
والقوى وعلاقاتُهَا وَخِمَهْ
تتنابذُ أعضاؤُهَا
داخلَ العَوْلَمَهْ!
هل تشغِّلُ أجزاؤُهَا
آلةَ الأنظمهْ؟
والبيانُ الذي يُسْتَعَارُ شبيهُ الخطابِ الذي يُسْتَعَادْ
كانَ حنجرةً من غبارٍ، وذاكرةً مِنْ رَمادْ...
وعواصمهُ من كسورٍ تُشَعْشِعُ مضّطرِمَهْ!
وإذاً، كيف يحيا عبيدٌ؟
وكيف يربِّي نظامٌ عبادَهْ؟
*
للتغيّرِ برهتهُ، والتغيّرُ يعني التّضادْ!
وأنا أستعيدُ اكتشافكَ، أو تستعيدُ اكتشافي،
ونوقنُ أنَّ نهاياتِنَا في بداياتِنَا،
فهويّتُنَا أَمْ حداثتُنَا باليهْ؟
والطريقُ إلى قيصرِ الرّومِ تسلمُ كائنَها الحرَّ
للهاويهْ!
*
كلُّ جسمٍ تقنَّع باسمٍ،
ولم يمتلكْ أيَّ معنى تحاولهُ الرّوحُ،
والرّوحُ ضائعةٌ في الجهاتْ!
الحياةُ تواجهُنَا بضلالاتِنَا،
فنجابُهَها برهاناتِنَا الخاويهْ!
وأنا، أنتَ، نَفْتَعِلُ الشِّعْرَ،
والحركاتُ هي السكناتْ!
والعروضُ تكرِّرُ حشواً، وتختتمُ الحَشْوَ بالقافيهْ...
والمديحُ عشيرتهُ كلُّها كَتَبَهْ!
والطّلولُ اهتدتْ بالأصولِ،
وكانتْ فتوحٌ، وكانت إِبادَهْ!
*
أستعيدُ اكتشافكَ، أو تستعيدُ اكتشافي،
وتلكَ قصيدتُنَا تحتفي بزبونٍ،
تناسخَ في حاكمٍ أو بَطَلْ!
وتفاعيلُهَا نصُّهَا مُفْتَعَلْ!
***
هل نعيدُ اكتشافاتِنَا حذرينْ
والطبيعةُ ينبوعُهَا يستثيرُ مخيّلةً،
فتشِعُّ بخمرتِهَا داليهْ
بأنوثتِهَا افتتحتْ فِطْرَةً تشبهُ الثَّمرَهْ!
والأمومةُ تكسو طفولاتِها العارِيهْ
وتضاعفُ خيراتِها بيدينِ مُبَاركَتَيْنْ!
والأصابعُ مُسْتَتِرَهْ
تهتدي بمصابيحِها شَجَرَهْ!
وعلى نارِ أجزائِهَا حانيهْ
كي يؤلِّفَ طفلٌ من النّورِ أوراقَهُ ومدادَهْ...
ومن الماءِ تفّاحةٌ ناضجَهْ!
***
هكذا نستعيدُ اكتشافاتِنَا السّاذجهْ!
نستعيدُ البياضَ بشهوتهِ، والسّوادَ بجذوتِهِ،
والنقاطُ تجعّدُهَا صحفٌ، والفواصلُ مضّطربهْ
والخطوطُ نثارٌ يؤاكلهُ الحِبْرُ،
والحبرُ يزحفُ بالكلماتِ،
يحرِّرُهَا قارئٌ، فيحاصرهُ الوَرَقُ!
*
اَلكسوفُ حكايتهُ اكتملتْ،
بينما يتفاءلُ بالمُلْكِ أصحابهُ، وَهْوَ يحترقُ!
وتقهقهُ في سرِّهَا حاميهْ!

وأنا، أنتَ في عامِ ألفينِ واْثنينِ
نختبرُ الفئَةَ الباغيهْ!
*
لِمَ تفترقُ الطّرقُ؟
أَهِيَ الأرضُ يحتلُّهَا غَسَقُ
ويؤهِّلُ من مَعْدِنٍ جُنْدَهُ وعتادَهْ!
*
ما الذي سوف تلبسهُ أمّةٌ أو دولْ؟
وجماعاتُهَا هشّمت، وعناصرُهَا بعضُها خِرَقُ
كيف تحرثُ منطقةً للأملْ؟
والجنونُ ريادَهْ!
*
لِتكنْ لحظةٌ عادلهْ...
وَلْنَكنْ عادلينْ...
وأنا، أنتَ، في عامِ ألفينِ واثنينِ صحراؤُنَا اتّسعتْ
وتغيُّرنَا وَحْدَهُ الأفقُ!
*
هِيَ مرحلةٌ للعملْ...
خَلْقُ كائِنَها ما اكتملْ!
***
هكذا كنتَ أنتَ أنا دائماً!
وتعيدُ اكتشافي، أو أستعيدُ اكتشافكَ،
كيما نواجهُ أقدارَنَا مرّتينْ
ونغالبُ محنتنَا التاليهْ!
وتغيُّرنَا مُحْتَمَلْ!



* (النص كاملاً من ديوان حجارة الشاعر)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى