رضا أحمد - يكفيك أن تنفخ في رماد سيجارتك.. شعر

يكفيك أن تنفخ في رماد سيجارتك
وتطرف بعينيك هكذا، 69 مرة
لترى الحب وحشيا مع امرأة
تكشط وجهك البريء
وهي تعانقك.
...
ماذا يُشبع الشاعر
لو أن نصف زوجة أحاطت عنقه بخيبتها
وتناقل الوطن سيرته داخل المكروباصات ولافتات المترو
كمخدر مأمون المفعول وقرص فياجرا
والحضن الذي يريده
يَرْمَحُ في عربة يجرها الأسفلت
إلى قريته البعيدة
حيث صوت أم كلثوم يغنج في الراديو
ببعض قروش قليلة وكوب شاي ثقيل.
..
كل شيء يقال بصدق عند الموت وممارسة الجنس؛
التاريخ لا يتذكر شيئا
لا داعي لاستجواب صفيحة قمامة،
ماذا يعني لامرأة مهجورة مائة وخمسون كتابا
أرادت بشدة أن تكتبهم بقميص نومها الأزرق؟
..
أعرف الأعداد كلها يا أبي
ورثت نزاهتك في إحصاء الأوغاد وضحاياي
وحاجتك إلى فرك العفن عن قلبك
حين يغلبك الفقد والحب،
وعرفت الإله
في صورتك العالقة في حصتي بالبيت،
مستعمرة صغيرة من الأرق
كمين نصبته لعيني
أمشي من نسيان إلى آخر
زهرة بلاستيكية تقبلت خيانة الذاكرة
بخدعة الخلود،
من شمعة إلى شمس
نمت الكلمات في حلقي
بأجنحة مسلوخة
وجروح يغطيها المس والمكركروم؛
قصائدي تعمل بدوام ليلي
تلك المومس قليلة الخبرة
جلست على مائدة الرب مرات
وبيدها الرقيقة شحذت السكاكين
وغسلت سونتيانها في عيون الرجال،
بغمامة على السماء
وأبجدية تذوب كقطع الشيكولاتة في كل فم
تدير حفلتها وسط جعجعة الخراف
وصرير أنياب الذئاب.
..
أصنع من جذعي نايا
ومن شعري سقيفة لمقلاتك
ومن الزغب القليل تحت سرتي
مذبحا رطبا مثل وردة على حافة بئر
وتعَبد ها هنا للإله الحلو.
..
بأقل من فلاية وزيت خروع
لن ترضى آلهة الإلهام
أن تمشط رأس الشعراء
وتسقط القمل والضفادع والنجوم،
سيزيف ليس إلا موظف منهك بحمل بطيخة في أتوبيس 44،
بشوكة بوسيدين يلتقط اللحم
ويجرف طبق الفتة
في وليمة حلقة ذكر؛
فلا تطلب مني أن أرتق جواربك المهترئة
وأنت تتسلى بلصق أجنحة إيكاروس بمسدس بالشمع.
..
أحببت أمي مرتين
مرة حين وجدتها سيدة مهذبة بزعانف مقصوصة
ترتجف في سيالة قفطان أبي
ورغم هذا تضع شوكة في صدرها
لتخزق عين الشيطان
ومرة حين رأيتها في الحلم
تضطجع على قطعة موسيقى
مثل رمش صغير ينساب في عين أبي
ويوجعه.
..
بوسعي أن أكون فريسة شهية
وألم عصب في ضرس دكتاتور
أتحدث بلكنة تجعلني آمنة كقبلة ترتعش فوق خدك،
أحترم حقوقك في قراءة قصيدتي
كإحدى ممتلكاتك التي تراقبها بحذر
وأحترم واجبي في إقناعك أنه عليك أن تقرأها إلى النهاية
ربما تجد صليبك
أو مشنقتك
أو متنمرا يطلق على مؤخرتك الصواريخ والبمب.
..
سأحاول أن أجد طوفانا أوسع لدخان محرقتك؛ للأمانة الحزن مهارة بشرية والحب بلا صفة هنا.
..
ولدنا في يوم عطس التراب
ديدانا وحروبا وأوبئة
وتخشب وجه الشمس على ابتسامة لزجة
ولدنا لأنه يجب أن تتسلى البكتريا والفيروسات
بدمى قادرة على النميمة
وهي تقرأ التاريخ السياسي ليرقة القطن
وتتبادل قُبلا بنكهة المطهرات أثناء الحجر الصحي،
ما الذي تطلبه عودة كاملة لكفالة الرحم
وفي حظيرة التجربة
الأرانب لا يفتنها إلا جرح الأرض
وصَر خوفها في منديل تدخره لحكمة أكبر
من تحدي سلحفاة جديرة بالعيش في جمجمة
مطلية بالأعشاب.
..
أيها الأب
تعرف كم أنت منبوذ
بحسك الباهت
وخشب حنانك البالي
يهدر رائحة البحر من ضلوع القوارب،
صوتك يشبه أنين بائع عرق سوس
ينقع عظمي المنكسر
تحت ألواح الثلج والمواويل.
..
أيها الشاعر
شيخ الزاوية يركل ظهري كلما توضأت بأغنية
وأستعنت بالكيمياء في تحصين البيت
عقدت صفقة مع شبيه لي
يقوم بوظيفة الرب حين أتبول
وأعوي في ضوء القمر،
لو نعست قليلا آلام أطرافي البردانة،
لو فتلت من مُلاءَتي كوابيس صغيرة
ينز منها الظلام والعقارب
وغواية المشي عارية على أسطح البنايات،
لو استخدمت الزمن في صنع أجراس ذهبية
قرب الفخ العشرين من عمري بالضبط،
لو لقنت تراب المقابر
تهويدة
تلف جيفة قلبي بلعنة الحياة،
لو صعد إلى المنبر حرير قميص امرأة
بلا جناحين من رحيق الكدمات
أو ضوء يضحك
واللذة تتسلل إلى فحم الرجال.
..
أيها القارئ
الضوء سيظل مختنقا تحت ركبة الكاميرا،
تعال التقط لك ميتة تليق بتموين دموعي القليل؛
كل شيء رهين صمتك وعزائي
حتى تلك الشوكة المغروزة في حوصلة الراديو
قبل النبأ العاجل،
فماذا سيحدث لو تشبث المرض قليلا بأحبائك،
لو خففت هدنة من ضجر البنادق
قبل أن تصرخ بتراث من النحيب والغبار؟
وحدك صاحب الحصان
ضعه خلف الطاحونة
أمام قصر التبن وأقراص الجِلَّة
قرب الليل الفضفاض
تحت كذبة تجدف بك للهروب من هنا
من يهتم؟
مشكلة الصخر ليست في مثابرة الماء
مشكلة الصخر في رعونة أزميل
ينحت سوءة رجل
يزأر في صورته بالمرآة
كلما روعته امرأة أو رئيسه في العمل.
..
من معنا
يشد ذيل النهايات السعيدة ويجري
يربت على أنياب الوحوش الغافية تحت الأسرة من الخوف
ويقرص جسد الطبلية حين يشعر بالجوع؟
من معنا الآن إلا كناسة الوقت؟
..
لم أسرق من الشاطئ حكاية واحدة عن البحر
وجسدي يتحلل في معدة سمكة،
قدمت صورتي الشابة لمرآة
وذاكرة سوداء وحبتي مشمش لرجل
عدت بعرافة عمياء
تشرب عرق النجوم الصدئة
وتتوكأ على عود كبريت،
تقود خردة أيامها على عربة روبابيكيا
وتغني للون الأزرق في عوده الأبدي
وتواسي الرب بنافذة
في منفاه البعيد.
  • Like
التفاعلات: ماريا حاج حسن

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى