عبد الواحد السويّح - إصحاح الأحلام..

اثنانِ ثالثهما مجنون . قالَ الإثنانِ نحنّ للإنسانِ . ندسّ لهُ الشِّعرَ في اللسانِ . فينوسْ والحُبّ سيّان . على عرشِ الأحلامِ متربّعانِ . لإيلامِ العذّال مستعدّان . فينوسْ والحُبّ أقنومان . لا ترهبهما حرب ولا نيران . في كلِّ ضميرٍ حيٍّ يتّقدان . للعقلِ يتجاوزان . إنَ العقلَ مصدر الخطرِ والشّرِّ وسَلوا في ذلكَ المجنون . قالَ المجنونُ أنا ثالث الإثنين . أملٌ منتظرٌ . للحُبِّ أنظّر . للحُبِّ أكبّر . قلَ لوْ كانَ الحُبُّ هوَ المسيطرُ هلْ تتقاتلون . هلْ تتفرّقونَ في أحزابٍ كثر . هلْ تسعونَ إلى كراسيِ القانونِ وأيّ قانونٍ .
_ أفقُ يا مجنونٌ!

قالَ فأفقت فإذا بامرأتي تقول: كُفّ عنْ الهذيانِ يا قابيل واستعِذْ منْ الشّيطانِ.
فأغمضتْ عينيْ ولمْ أبصقْ على يساريٍ ووددتُ لوْ أنَ حلمي يعاودني. وكانتْ رغبتي في الرّؤى تساهمُ في أرقي فدفعتُ بولدي إلى حلمٍ ممدّدٍ بجانبي وبقيت أنتظرُ...
جاءتني إلى مخدعي تقولُ إنّها ليلتي فعاملتُها كما تعامل الأمَ طفلها ومضيتُ إلى غيرها وكانتْ على حيضٍ فقدّمتُ لها أردأَ أنواع الحليبِ وتركتُها.
كنت كالّذي لهُ أربع زوجاتٍ يرهبهنَ بفحولتهِ وبحقّهِ في الحلِّ والعَقدِ فخطرَ لي أنْ أختمَ ليلتي بأملحهنَ فقصدتها فإذا بها في أحضانِ رجلٍ تعجب الذْبابة منْ حقارته فأشهرت مسدّسي عليهما لكنّهما لمْ يعبآ بي وتماديا في زناهما.
كنت أعلمُ في ذلكَ المنامِ أنّهُ منْ حقّي قتلهما ولا أخفي عليكمْ أنّي هممتُ بذلكَ ولكنْ لا أدري لِمَ انحبستْ الطّلقاتُ وأبتْ الانطلاقَ. ربّما لصرخات المجنونِ الّتي صدعتني. ربّما لسحرِ زوجتي. ربّما إكراما لولدي الّذي توسّلَ بالشّرعِ ليتمتّع بالأحلامِ فإذا بها ترتدُّ إلى حقيقةٍ تخونُ...
ولمْ يتمّ قابيل كلامهُ حتى دخل المجنون والشّرر يتطايرُ منْ عينيهِ. بصقَ ثلاثا عنْ يمينهِ وثلاثا عنْ يسارهِ وصاحَ:
كيفَ سأختفي والعيدَ غدا؟ هلْ أرى العيدُ؟
ثمّ وكأنّهُ يهذي:
كنت أعلّمُ، هذهِ لوحةٌ (وأشارَ إلى قلبه) والزّمنُ؟ اللّحظةُ جمرةً، ينقضي اليوم، تكُ، تكُ، لنْ أسامحَ في الآخرةِ منْ اخترعَ الساعةَ، يشتعل الرأسُ فأتمّم، اللْوحةُ ألواح، هوسُ اللّحظةِ ألواح رماديّة مَلّها السّوسُ، زغردتْ أمّيٍ، ر، را، ري، هلْ يصرُّ الهواءُ على السّريانِ وقدْ اقلعنا عنْ الحُبِّ مؤقّتا؟ بطلةٌ أنت يا المرأةُ حينَ أنجبتني،
سأرى العيدَ .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى