محب خيري الجمال - الحكايات.. شعر

( 0 )

مُنْذُ وُلِدت،
وفي رأسي الضخم تَكبر الأشياء الغامضة
على حنجرتي تستريحُ جمرة الفقد
المساحة بين البيت وقبْر العائلة
حكّتني بدكة ميت كنت أشاهدهُ
مطلع كل فجر يتوضأ العتمة
بابي الوحيد مثلا،
يتَّكئ علي جدار عجوز نابهُ أكلت عليه الدنيا وشربت
وكل بنتٍ أعرفها يغلبني تأويلها
أبحث عنها في متن التمر
في تنفس الماء وهو يصهل في حلق نخلة من نار
لذلك بكيت طويلا
وأنا أتظاهر بالحياة،!!

(1 )

لم أكُن طفلا ذكيا،
ولدت فى صباح غائم وحار بعض الشيء
قالوا لأبي أبشر غلامك أسمر وجميل،
لكنه بأذن واحدة ونصف لسان،
لكن أبي الذى تربى على الحروب
ضحك كثيرا،
رسمني على الحائط ببدن سليم على حصان أخضر،
سهر الليل كله وفشل فى ترويض جمرة الكلام،
ولما انتابه التعب حمل الحصان إلي الفراش!!
وتركني عالقا بالعتمة
يُمَضّغُني فحم الانتظار،!

( 2 )

لم يكن الأمر بالغ الأهمية في السابق
كان من السهل مثلا تربية النهر الوحيد
في جيوبي
ولم يكن ذلك بالغ الصعوبة،،
أنا ابن امرأة كانت ترعى الغنم
وكنت أول حليبها البكر
كلما هشت بعصا العتمة ضلوعي
كان النهر يضحك في فمها
لذلك حين أكون وحيدا
أذهب للنهر الوحيد بروح عطشى
وفي جيوبي رائحة القبر،!!

( 3 )

أنا ولدُ الصحراء
على قدمين متورمتين
تنز دائرة الشوك
كرغوة حائرة فى كأس متسخ بالوهم
أنا ولدُ الريح حين تشهق فى الأشجار العاقر
بخطوة ثابتة اجتاز أماكن الحروب
النُّصُب التذكارية لغابة من رخام الرغبة
آلهة تبكي على أكتاف صفصاف مهجور
هناك حيث ترعى النجوم زنابق مرتجفة
تجتر تبغ الكلام وصراخ القنابل
أنا ولدُ ارتعَاشَات الندى المذعور
من نزوات الشمس السوداء
وعمال الفحم
وأرداف المحطات المخيفة
وجنود الظل،،
ابتلعتنى أفواه خمسة عشر سوادا
أقضم الحَصَى بلا عناء
كطفل يحلم بمتعة الهروب بلعبته الوحيدة
لا اسم لعائلته على الباب،!

( 4 )

لا شيء!!
أمارس فعلًا عفويًا
أطمئن على وجهي كل صباح
وأقرئ الرب التحيّات
أبْلَعَ ريق الشوارع
بعد كنس ليلة كاملة من العتمة
أحتفظ ببعض الأخبار الهامة
أكتب على حائط الغرفة أحبك
وأرسم سهما من العيار الثقيل
مخجل أن أفعل ذلك بعد كل هذا العمر بالطبع
فى المساء أتناول مضاد للذاكرة
ستضحكين كثيرا،،
لقد نسيت يدي بالأمس على حبل الغسيل
تذكرتها عند حاجز المرور
وأنا أبحث عن هوية ممتلئة بالكدمات
لا لا لم يحدث ما يعكر الصفو
ركلني الشرطي بساق ثقيلة
نعم؟
قمتُ بتأمين جيوبى الخلفية بإحكام مقاتل مهزوم
أنا شرير على فكرة
لكن مؤخرتي لا تستحق كل هذا الركل أيها الشرطي اللعين
تضحكين؟!!
حدث فى مرة،،
اذذذذذذذذذذذذ!!!!

( 5 )

أنا صديقٌ الصحراء العجوز
أحمل المواعيد و الرسائل
والقصص الجريحة عن البلاد البعيدة
جسدي مقعد تستريح عليه وقت القيلولة
هى أكثر صراحة من بيانات حقوق الإنسان
يكفيها أن تحرس جنيّات الخيال
وتحشو جسدي بماء الناى،!!
.
محب خيري الجمال

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى