محب خيري الجمال - من سيرة القصائد والطين والوحدة الطيبة

كنتُ أعمل صحفيا أو لا شيء في الماضي،
الماضي الذي لا أحبه ولا أطيق سيرته
وأرغب دوما برميه تحت حافلة
تُحسن دفن الذكريات،
تُحسن دفن ما تبقى من قلب
متعفن بالأناشيد الوطنية وحكايات الشيوخ،،
//
كنتُ أكتب الرسائل الغرامية لطلبة الجامعة
وأصفق للأيام المذبوحة في رقبة الشعر،
رقبة الشعر التي تئن وسط جملة مفتعلة
لا تحب الأوامر وتخرج دوما عن السطر،
في الحقائب المحتشدة بالفراغ،
الفراغ الذي يطقطق أصابع الشجر
ويتساقط في ذاكرتي قطعة.. قطعة بلا حساب،،
في البقعة المختلة في مكان ما في هذا العالم،
في رفة الصوت الجاف تنحني كخادم أمين
فقد أطرافه من أجل فضيلة الحروف
ثم تركوه على رف الندم
يعض ما تبقى من أصابع الهوامش،،
//
كتابة أحبك في رسالة غرامية ليست صعبة،
ليست صعبة على الإطلاق لمن يدركون قدرتهم على الحب
أولئك الذين يهللون من غمزة عين
ويشعرون بالعشق لأول مرة
وينسون الفقر وعبور الكمائن بحذر كارثي،،
//
ها هو كعادته الباردة
يرجئ صلاحياته المنتهية ويعلبها من أجل حياة جديدة،
يغسل أقدام الليل البازغ في مأوى الفواصل،
يجفف الجسد في أواني خزف الحقول
ويستوى على عرش الماء،
ربما يأتي في زمن آخر غير الذي يعيشه،
في زمن يتملاه كدمعة طيبة
كانت قاب قوسين أو أدنى،،
//
وحدي أنقي المناديل من البكاء،
أدّس في جيبي رائحة الأبواب الموصدة
والغيوم الباهتة،
والضالعون في ترتيب سرير الألم والحسرة
وكتابة الحب الأعمى على الوسائد البالية،
الحب الذي أحمله كل ليلة إلي غرفتي
وأخبئه في جيب سروالي الكئيب على سبيل الدفء الكاذب،،
أنقر الكلمات بحشائش القصائد
وأنام كحصوة مبللة بالاشتعال في خيمة الجسد،،
//
كتابة جملة عريضة
لمراهق يبحث عن مشاعر مرهفة تحديدا ليست صعبة،،
فلقد تعلمنا كيف ومتى نكذب،
مثلا حين نحمل حقائب السفر على ظهورنا
ونغادر إلي البلاد البعيدة نترك وجوهنا المنسية
في الجيوب السرية،
نخفي الجوارب المثقوبة ورائحة قلوبنا النتنة
في قعر الضمير كابتسامة مذيعة الأخبار
ونحن نهتف نموت.. نموت ويحيا الوطن،!
يحيا الوطن،!
يحيا ال......،،
//
أنا رجل حزين،!
لديه لسان من ماء وطين أزرق ولا يستطيع الصراخ،،
يصنع من حزنه طائرات ورقية،
أساطير مسلية لليل طويل،
كمنجات عملاقة لسنفرة الدموع من الشروخ والحفر،،
أنا إنسان حزين وبائس ومفرط في النبل والتسامح
وترك الأمور تجري إلي ما شاء الله
ومع ذلك ممتلئ بالملح
من رأسي إلي أخمص قدمي،
أذوب ولا علامة لزبد الحزن في فم البحر،،
//
ثمة حبيبة في بلد ما تراقبني من بعيد،،
أو مجرد فكرة تمر ببالي
ثمة حبيبة في أرض ما
تدور حول القصائد بحثا عن مزيد من الإحباط
ثمة أشياء وحيدة هناك تجرني من أذني وتسحب فراغا ينتأ خد الطفل الذي كنته،
الحزن الذي يقصد بنتا تتضفر كل مقاطعها حربا،
البنت التي تستل اليابس من مخبئها
وبملء فمها تغطي بحر النيل بقطيع من الذئاب الجائعة،
تنفخ في رئته ليتساقط من وجهه الموتى،
النيل الذي تخفف أخيرا من همومة
نفض عن كاهله أعباء العشاق والغرباء ومديح الشعراء الكاذب،
كنس الحمل الثقيل،
خيبات التنزه بالمراكب،
أطراف الأحلام، وقرة أعين الأرامل،،
ثمة حبيبة في بلد ما تمر ببالي،
تبكي بكاءً شديدا وصاخبا
حين ينسحب الوقت من أصابعها
وأصير لقمة طرية في أسنان النهر،،
//
نقودي بالكاد كانت
تشتري 6 سجائر" فرط " شعبية
وعلبة كبريت كفيلة بإشعال العالم الوسخ
هذا العالم الوسخ الذي يُخرج من جيبه،
المطارق والمسامير
السكاكين والقنابل وسهرات الأفيون
وحاويات النساء الضائعات في ممرات الأسواق
النساء الساقطات من قعر الضمير
النساء اللواتي يتحسسن نهودهن وأفخاذهن
يتدربن كثيرا على الفرار من خطيئة الحب
وتربية الأطفال حتى لا يقعن فريسة سهلة للترمل
والتحديق الطويل في بركة الجسد
بعد انتهاء الوقت الأصلي للحياة،،


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى