صابر رشدي - حزام جلد..

في عتمة الغرفة الغارقة في صمت عميق، وعند استيقاظه المفاجئ ، استمع إلى صوت أنفاس غريبة، تتوالى بين لحظة وأخرى، أنفاس لم يستمع إلى مثيل لها من قبل، عندما أجال بصره فيما حوله لم يلحظ شىء. ربما كانت توهمات تجترح السكون، سحابة تمر في الأعالي، ويتردد صداها هنا. هكذا فكر. حتى لا يجد خياله النازف فرصة لإنتاج مشاهد وصور مربكة، ويركض وراء سديم من القلق المتصاعد، ولكن قبل أن يستعيد وضعه السابق، ويعود للنوم، حالما بنساء فاتنات، منقذفات عليه بوميض لا يكف عن التجدد، لاحظ اهتزاز
بنطاله المعلق على الجدار، دقق جيدا، فتملكه الرعب، وبدأ يعد نبضات قلبه. كان الحزام الجلدي الملفوف حول خاصرة السروال، ينتفخ، ويهتز، مصحوبا بالصوت ذاته. بنظرة مخلوطة بالشك، راح يتابعه في هذا الضوء الواهن، والحيرة تتكاثف وتعقد لسانه، تحولات غريبة جعل يتابعها مرتجفا، حتى لاحظ انفراج باب الغرفة فجأة، وشعر بشىء يلج المكان دون أن يراه، فنهض، وكبس زر الإنارة، فوجد حية تتلوى على الأرض وتنظر ناحية الجدار، عندما أدار بصره ليتابع إتجاه نظرتها، وجد الحزام يتحول ثعبانا و ويحاول الخروج من عروات البنطال، مبتعدا عن منظقة الخصر، يزحف بعدها، ويهبط، ليلتف حول الحية التي قبعت في مكانها، صامتة عندما لامسها، فانسحب بهدوء، تركهما في عزلتهما، ملتصقين، يندلع فحيحهما على نحو غريب. وبدأ يتذكر، أن هذا الحزام مصنوعا من جلد ثعبان حقيقي، وكيف كان يتفاخر بثمنه المرتفع، ملمسه الحريري، ولمعانه الدائم، كأنه قد تم سلخه بالأمس فقط.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى