دعاء البطراوي - خلف الباب المؤصد.. قصة قصيرة

في تلك الحجرة متآكلة الأركان، هناك أريكة خشبية ضخمة تقبع دوما خلف الباب المؤصد، في منتصف الحائط ساعة تعلن عن جنوح الليل، وفراش متهالك يحمل امرأة مرتعدة!
بالردهة... رجـال تـتـرنح كـمن اصابه المس، تـتقافز بمآقيـهم الضالة نظـرات سـكرى، تنـعـق ضـحكاتـهم الثـمـلة بالأجـواء، ودخان خانق ينتشر في كل مكـان.
يسعل أحدهم بقوة، تفلت من يده زجاجة خمر، يخطو خطوات مهتزة، يطرق باب الحجرة، وينادي عليها:
ــ ياااااا ....
ترتعـش خـلايـاها عند سماع الصوت، تنتـش يدها حجابا يسـترها، تشـيب الخصلات من فـرط الرهبة! تـتحرك الكتلة الخشبية بصعوبة، كأنها تأبى أن تتزحزح!
سارت كالجثة بين رجال تترنح يمينا وشمالا، تتلقفها عيونهم الجوعى بشراهة.
أشار إليها كي تلتقط زجاجته المكسورة التي تشبهها، مالت بجسدها، فامتدت أيدي الغرباء..
انتفضت...
صرخت..
نادته في توسل.
لم يسمعها!
كان هناك... يلتصق بالحائط، يتنفس مسحوقا أبيض! يضحك، يكركر، تأخذه النشوة لعالم آخر.
بصعوبة.. فرت نحو الحجرة، يهتز الباب المؤصد على أثر الطرقات المجنونة، يصمد حارسها الخشبي القابع دوما خلف الباب، ويباشر عمله بجسارة.
يمر الوقت، يخبرها حدسها أن المنزل خاوي الآن، تخطو نحو الردهة بحرص بالغ،
فجأة ... تشهق في لوعة، تضرب نهديها، تلطم خديها مرارا، كانت عيناه شاخصتين وشريط أبيض أسفل أنفه!
اندفعت نحوه ... ضمت الجسد الهامد بين ذراعيها ... ندت عنها آهة طويلة ... تسأله لماذا بلا كلمات!
تنهض، تترنح، تدلف حجرتها، كعادتها توصد الباب وتشد حارسها الخشبي،
تتوقف لحظة، تبتسم في مرارة، تبعد حارسها برفق، تربت عليه ممتنة،
ثم تفتح الباب على مصرعيه.




L’image contient peut-être : 1 personne

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى