محمد رشيد الشمسي - لوحة.. قصة قصيرة

كنت أحدّق في لوحةِ رسمتها أنامل امرأة، فقدتْ طفلتها الوحيدة في حرب المدن المستعرةٍ؛ لتعزل نفسها عن الناس وتعيش عالمها الخاص، في رسم تصرفات ومشاغبات أطفال كانوا يبحثون عن الحياة. كانت ترسم لعبهم ورسوماتهم وأقلامهم الملونة، وتعبث بريشتها على تلك الرسومات؛ لتعطي انطباعا بأن الاطفال انفسهم قد عبثوا باللوحة، ثم تصرخ بهم؛ كي يتوقفوا عن تلك الشخابيط والتصرفات العشوائية؛ وحين يوغل هؤلاء الاطفال في الرسم والاندماج؛ تتسخ ثيابهم وأصابعهم وحتى وجوههم وافعالهم البريئة.
مرت سنةٌ على فراقها لأبنتها التي تركها خاطفها؛ يوم كان الخاطف متسمرا امام لوحةٍ رسمتها على بطن ابنتها المخطوفة.
الطفلة في نوم عميق، نزع الخاطف ثيابها الرثة؛ ليصطدم نظرهُ في تلك اللوحة / الوشم، الذي رُسم كما يبدو بأيدي ربانية وليس بواسطة البشر.
لذلك اندهش الخاطف، وتوقف عن العمل الذي أراد فعله؛ لقد بردت نشوته و لذته، التي منّى النفس بنيلها من الطفلة النائمة.
الوشم لم يتجاوز سوى خطوط وانكسارات، وقد استخدمت لصنعها، كحل عين وحناء وابرة خياطة غير مستخدمة، لقد امضت عشرة أيام متتالية في إكمال هذا العمل؛ كما قالت للشرطة خلال افادتها، لقد أكملت اللوحة / الوشم وطفلتها في القماط، كانت على يقين بأن هذا الوشم او اللوحة سيحميها من طوراق الليل والنهار.
لقد وجدت ابنتها مطروحة ومضرجة بالدماء عند عتبة الدار؛ حين همت للذهاب إلى مركز الشرطة؛ لتخبرهم بفقدانها؛ خلال ذهابها إلى المدرسة.

محمد رشيد الشمسي
العراق/ الشطرة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى