محمد فهمي - غيمة التفاح

(1)

زحفت الغيمة البيضاء في سماء مدينة حلبجة. ثم بدأت بالتحليق قريباً من الأرض لتحتضن المدينة الهادئة. كانت بمرورها تنشر شذى التفاح في الأجواء بسخاء تليق بالغيوم. مما جعلت الطيور تهتاج لتطير بلا هدى متجهةً نحو السماء بحثاً عن أشجار التفاح لتشبع جوعها الصباحي.
  • إني أفقد عقلي، أم إن أشجار التفاح قد أثمرت باكراً هذه السنة؟
قالت العصفورة ذلك وهي تخاطب الحمامة الواقفة على الغصن المجاور لشجرة التوت. أجابتها الحمامة:
  • يا لها من رائحة زكية، إن هذا لأمر غريب! لقد طرت البارحة فوق حقول التفاح لم تكن الأشجار قد أورقت بعد، وكانت براعم الزهور لا تزال صغيرة بالكاد تفتحت بعضها!
  • لكن من أين تأتي هذه الرائحة الفواحة؟
  • أنظر إلى تلك الطيور كيف تحلق باتجاه تلك الغيمة المقتربة!
  • ترى لماذا تسقط الطيور تحتها وتهوي إلى الأسفل؟
  • ما بكِ يا صديقتي الحمامة لم تتنفسين بصعوبة؟
  • أني أختنق.. إن الغيمة.. تحمل فخاً...!
  • لم أرى الغيوم تكيد يوماً، أو تنصب الشرك لنا كما يفعل البشر، إنها تهبنا الحياة دوماً ولا تسلبها. هناك شيءٌ.. خاطئ..
(2)

هيا يا هوشيار لنتفقد السلال إن رائحة التفاح تملأ المكان هل يمكن أن يكون أبانا قد جلب التفاح الليلة الماضية ونسيت أُمنا أن تعطينا إياه؟
  • لا أظن ذلك، فعندما يتعلق الشيء بنا لا تنساه أمي أبداً، هي تتذكر دائماً.
  • لكن رائحتها القوية تفوح في المكان.
  • أظن بأن الرائحة قادمة من تلك الغيمة البيضاء.
  • أنت أحمق، ومنذ متى تحمل الغيوم التفاح؟!
  • آه، إن صدري يحترق. هواء، أريد هواءً...
  • أنا أيضاً أختنق.. ساعدني يا هوشيار... ماذا يحدث لنا؟
احتضنا بعضهما وهما يصارعان الهواء لأجل التقاط أنفاسهما بلا جدوى. فكلما عبئا الهواء في صدريهما كان صدرهما يحترق أكثر من الداخل، فغرت أفواههما وأصبحتا زرقاوين، وتجمع الزبد الأبيض حول شفتيهما، ثم سكنت روحهما...

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى