د. محمد سعيد شحاتة - قالت: أحبك.. شعر

قالت: أحبُّكَ
فتحسَّسْتُ ما بقي في جسدي
دون طعنات
وحين أويتُ إلى فراشي
سقطتُ من كثرة النزيف
قالت:
دمٌ فاسدٌ لجرحٍ قديم.
ومضت تمسحُ نصلَ خنجرها
وتدُسُّ أوراقي المبعثرة في الزوايا بين السلالِ
لعلَّها تُخْفي ملامحي
*
حجرتي باردة
وعيوني مصلوبةٌ على حائطها
لا شيء غير الصقيع
وبقايا ذكريات
وصور باهتة لفارسٍ قديم
وسيف خشبيّ مُعَلّق على الجدار
*
يغالبني الطيف المنساب بين ضلوع الوقت
يتأرجح بين النور والظلمة
يباغتني ثم يرحل مبتسما
وحين ألاحق ظلاله
يتسلل بين شقوق الروح العطشى
يسكن عيون القصيدة
وإذ أرسم ملامحه يتخفَّى بنقاب داكن
أتخيَّل عينيه وفمه ووجنتيه فيبتسم
ويرحل
يتلفَّتُ كي يغريني
وحين أباغته
أتعثَّر بين شقوق الروح
وأخاديد القلب المجهد
تتناثر شظايا الذكريات في دروب القصيدة
وشعاب الأخيلة المراوغة
وأودية ما زالت في طور التكوين
تتشكل عاصفة أسطورية
وتلوح موسيقى لجيش يوناني قديم
*
حجرتي باردة
وعيوني مصلوبة حتى النخاع
أيها القابع في عيون القصيدة ارحل
لم يعد النص قابلا للتأويل
والشعاب المسكونة بالذكريات تتداعى
جرفتها ريح صرصر عاتية
وجذوع النخيل الباقية خاوية
*
عالق قلبي بين أراجيح الرؤى المتناثرة
والضفافُ بعيدةٌ .. بعيدة
والتمائم التي علقتها أمي على جبيني بليتْ
والأوراقُ الصفراء التي حفظتها تناثرت
*
هنا خلف تخوم الطفولة
المنسوجة من خيوط العنكبوت
وظلال الذكريات المسكونة بالوجع
أتأمَّل عيونَ التواريخ
والسيوفَ الصدئة
والخناجر َاللقيطة
وتشكُّلَ أوديةِ النصوص المسكونة بالخرافة
فيباغتني الحلاجُ
"اقتلوني يا رفاقي
أنا في قتلي حياتي"
وينادي عليَّ عابرٌ مثخنٌ بالجراح
"أرى قدمي أراق دمي"
فأعود إلى حجرتي الباردة
*
قالت: أحبكَ
فتأمَّلتُ وساوسي
واستسلمتُ للصقيع


________________________
* ديوان: العاشق الريفي


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى