د. سليمة مسعودي - الصباحات الخريفية قاسية جدا..

الصباحات الخريفية قاسية جدا..
لا تبالي.. بنا.. و لا بما تغرسه فينا..
من شوك الشوق..
و ريح الحنين العاصفة
و لا بتوسلاتنا..
و لا بمحاولاتنا للهروب منا..

الصباحات الخريفية الغائمة...
أكثر قسوة من سواها..
نتأملها.. بأعين القلب تائهة المسافات..
فترمينا في ظلمة فينا..
بئرنا التي بلا قرار..

الصباحات الخريفية الغائمة فينا.. قاسية القلب..
ربما لأنها تفتح للذاكرة.. مساماتنا الضعيفة..
ربما لأن الليل لم يكن دافئا بما يكفي..
ربما لأن الشمس تبدو حزينة..
أو ربما لأننا نحن الذوات خريفية المزاج..
نراها كذلك..
و أقسى ما فيها..
ما تفتحه من نوافذنا المغلقة..
تلك التي.. تتذكر ما كان يحط عليها من عصافير..
لم يتبق منها..
سوى أشباح أصواتها.
. تؤنسنا.. و نؤنسها..
في وحدة موحشة..

الصباحات الخريفية بصوت الريح المتشنج..
تذكرنا بألمنا الممض..
و ها نحن في هذه الصباحات الحزينة..
نفتح للموسيقى..
ما أغلقناه من أبواب.
فقط.. لئلا تتسلل إلينا نسائم من غياب..
نحن الباحثين عنا..
و متاهة الذاكرة .. تمتص أرواحنا..
كثقب أسود..
لا يرحم..

في الصباح الخريفي..
تضيع كل محاولاتنا في اكتساب الجرأة على النسيان ..
في الاختباء منا..
و الازدحام بمشاهد الحياة

الصباحات الخريفية تفضح الهشاشة في رخام القلب..
أننا لا نستطيع أن ننسى..
لأننا لا نستطيع أن ننسانا..
مهما اختبأنا منا..
و أشجار الغابة كثيفة متشابكة..
تكفي ثقوب الضوء.. لنتسسل منها إلينا..
و نبدأ.. تناسل الذاكرة فينا..

و المساءات الخريفية أيضا..

الخريف و هو يلفظ أنفسه..
أكثر قسوة من كل مراحل الفصول..
لا يشبه سوى.. فقد من نحب..
و الحياة تحلق بأجنحتها في السماوات الواسعة الكئيبة..
الخريف.. في نزعه الأخير.. كائن بلا قلب..
لا يبالي بكل ما يحملنا إياه..
من حزنه و توحشه..
يمضي.. و لا يلفت للوراء..
الوراء الذي.. كسرتنا فيه الريح..
و نحن نبحث فينا.. عما يسند وقفتنا..
و يمنع عنا... شبح الموت .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى